لما بيّن فضائح المشركين أتبعها بإيراد الحجج الدامغة ، من أحوال الرزق والحواس ، والموت والحياة ، والابتداء والإعادة ، والإرشاد والهدى ، وبنى سبحانه الحجج على الاستفهام وتفويض الجواب إلى المسؤولين ، ليكون أبلغ في إلزام الحجة وأوقع في النفوس ، فقال : { قُلْ } يا محمد للمشركين احتجاجاً لحقية التوحيد ، وبطلان ما هم عليه من الشرك { مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السماء والأرض } من السماء بالمطر ، ومن الأرض بالنبات والمعادن ، فإن اعترفوا حصل المطلوب ، وإن لم يعترفوا فلا بدّ أن يعترفوا بأن الله هو الذي خلقهما { أَم مَّنْ يَمْلِكُ السمع والأبصار } أم هي المنقطعة ، وفي هذا انتقال من سؤال إلى سؤال ، وخص السمع والبصر بالذكر ، لما فيهما من الصنعة العجيبة ، والقدرة الباهرة العظيمة ، أي : من يستطيع ملكهما وتسويتهما على هذه الصفة العجيبة ، والخلقة الغريبة ، حتى ينتفعوا بهما هذا الانتفاع العظيم ، ويحصلون بهما من الفوائد ما لا يدخل تحت حصر الحاصرين . ثم انتقل إلى حجة ثالثة ، فقال : { وَمَن يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت } الإنسان من النطفة ، والطير من البيضة ، والنبات من الحبة ، أو المؤمن من الكافر { يَخْرُجُ الميت مِنَ الحيّ } أي : النطفة من الإنسان ، أو الكافر من المؤمن ، والمراد من هذا الاستفهام عمن يحيي ويميت . ثم انتقل إلى حجة رابعة ، فقال : { وَمَن يُدَبّرُ الأمر } أي : يقدّره ويقضيه ، وهذا من عطف العام على الخاص ؛ لأنه قد عمّ ما تقدّم وغيره { فَسَيَقُولُونَ الله } أي : سيكون قولهم في جواب هذه الاستفهامات إن الفاعل لهذه الأمور هو : الله سبحانه ، إن أنصفوا وعملوا على ما يوجبه الفكر الصحيح والعقل السليم ، وارتفاع الاسم الشريف على أنه خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف ، أي : الله يفعل ذلك ، ثم أمره الله سبحانه بعد أن يجيبوا بهذا الجواب أن يقول لهم : { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } والاستفهام للإنكار ، والفاء للعطف على مقدّر : أي تعلمون ذلك ، أفلا تتقون وتفعلون ما يوجبه هذا العلم من تقوى الله الذي يفعل هذه الأفعال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.