فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ مَكَانَكُمۡ أَنتُمۡ وَشُرَكَآؤُكُمۡۚ فَزَيَّلۡنَا بَيۡنَهُمۡۖ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمۡ إِيَّانَا تَعۡبُدُونَ} (28)

قوله : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } الحشر الجمع ، و{ جميعاً } منتصب على الحال و{ يَوْمَ } منصوب بمضمر : أي أنذرهم يوم نحشرهم ، والجملة مستأنفة لبيان بعض أحوالهم القبيحة .

والمعنى : أن الله سبحانه يحشر العابد والمعبود لسؤالهم { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } في حالة الحشر ، ووقت الجمع تقريعاً لهم على رءوس الأشهاد ، وتوبيخاً لهم مع حضور من يشاركهم في العبادة ، وحضور معبوداتهم { مَكَانَكُمْ } أي : الزموا مكانكم ، واثبتوا فيه ، وقفوا في موضعكم { أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ } على أن الواو واو مع .

قوله : { فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } أي : فرّقنا وقطعنا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا : يقال زيلته فتزيل : أي فرقته فتفرق ، والمزايلة المفارقة ، يقال زايله مزايلة ، وزيالاً إذا فارقه ، والتزايل التباين . قال الفراء : وقرأ بعضهم : { فزايلنا } والمراد بالشركاء هنا : الملائكة . وقيل الشياطين ، وقيل الأصنام ، وإن الله سبحانه ينطقها في هذا الوقت . وقيل : المسيح ، وعزير ، والظاهر أنه كل معبود للمشركين كائناً ما كان ، وجملة : { وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } في محل نصب على الحال بتقدير قد ، والمعنى : وقد قال شركاؤهم الذين عبدوهم وجعلوهم شركاء لله سبحانه ما كنتم إيانا تعبدون ، وإنما عبدتم هواكم وضلالكم ، وشياطينكم الذين أغووكم ، وإنما أضاف الشركاء إليهم مع أنهم جعلوهم شركاء لله سبحانه ، لكونهم جعلوا لهم نصيباً من أموالهم ، فهم شركاؤهم في أموالهم من هذه الحيثية . وقيل : لكونهم شركاؤهم في هذا الخطاب ، وهذا الجحد من الشركاء وإن كان مخالفاً لما قد وقع من المشركين من عبادتهم ، فمعناه إنكار عبادتهم إياهم عن أمرهم لهم بالعبادة .

/خ30