فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَّيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ مَسۡكُونَةٖ فِيهَا مَتَٰعٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا تَكۡتُمُونَ} (29)

{ لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ } أي لا جناح عليكم في الدخول بغير استئذان إلى البيوت التي ليست بمسكونة .

وقد اختلف الناس في المراد بهذه البيوت ، فقال محمد بن الحنفية ، وقتادة ومجاهد : هي الفنادق التي في الطرق السابلة الموضوعة لابن السبيل يأوي إليها . وقال ابن زيد ، والشعبي : هي حوانيت القيساريات ، قال الشعبي : لأنهم جاءوا ببيوعهم فجعلوها فيها ، وقالوا للناس هلمّ . وقال عطاء : المراد بها الخرب التي يدخلها الناس للبول ، والغائط ، ففي هذا أيضاً متاع . وقيل : هي بيوت مكة . روي ذلك عن محمد ابن الحنفية أيضاً ، وهو موافق لقول من قال : إن الناس شركاء فيها ، ولكن قد قيد سبحانه هذه البيوت المذكورة هنا بأنها غير مسكونة . والمتاع : المنفعة عند أهل اللغة ، فيكون معنى الآية : فيها منفعة لكم ، ومنه قوله : { وَمَتّعُوهُنَّ } [ البقرة : 236 ] وقولهم : أمتع الله بك ، وقد فسر الشعبي المتاع في كلامه المتقدّم بالأعيان التي تباع . قال جابر بن زيد : وليس المراد بالمتاع الجهاز ، ولكن ما سواه من الحاجة . قال النحاس : وهو حسن موافق للغة { والله يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ } أي : ما تظهرون وما تخفون ، وفيه وعيد لمن لم يتأدّب بآداب الله في دخول بيوت الغير .

/خ29