فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلۡغَرۡبِيِّ إِذۡ قَضَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلۡأَمۡرَ وَمَا كُنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (44)

قوله : { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربي } هذا شروع في بيان إنزال القرآن ، أي وما كنت يا محمد بجانب الجبل الغربيّ ، فيكون من حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، واختاره الزجاج . وقال الكلبي : بجانب الوادي الغربيّ ، أي حيث ناجى موسى ربه { إِذْ قَضَيْنَا إلى مُوسَى الأمر } أي عهدنا إليه وأحكمنا الأمر معه بالرسالة إلى فرعون وقومه { وَمَا كنتَ مِنَ الشاهدين } لذلك حتى تقف على حقيقته ، وتحكيه من جهة نفسك . وإذا تقرّر أن الوقوف على تفاصيل تلك الأحوال لا يمكن أن يكون بالحضور عندها من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، والمشاهدة لها منه ، وانتفى بالأدلة الصحيحة أنه لم يتلقّ ذلك من غيره من البشر ، ولا علمه معلم منهم كما قدّمنا تقريره ، تبين أنه من عند الله سبحانه بوحي منه إلى رسوله بواسطة الملك النازل بذلك ، فهذا الكلام هو على طريقة { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أقلامهم أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ } [ آل عمران : 44 ] وقيل : معنى { إِذْ قَضَيْنَا إلى مُوسَى الأمر } إذ كلفناه وألزمناه . وقيل : أخبرناه أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم ، ولا يستلزم نفي كونه بجانب الغربي نفي كونه من الشاهدين ، لأنه يجوز أن يحضر ولا يشهد . قيل : المراد بالشاهدين : السبعون الذين اختارهم موسى للميقات .

/خ57