لما قص الله تعالى من أنباء موسى وغرائب ما جرى له من الحمل به في وقت ذبح الأبناء ، ورميه في البحر في تابوت ، ورده إلى أمّه ، وتبني فرعون له ، وإيتائه الحكم والعلم ، وقتله القبطي ، وخروجه من منشئه فاراً ، وتصاهره مع شعيب ، ورعيه لغنمه السنين الطويلة ، وعوده إلى مصر ، وإضلاله الطريق ، ومناجاة الله له ، وإظهار تلك المعجزتين العظيمتين على يديه ، وهي العصا واليد ، وأمره بالذهاب إلى فرعون ، ومحاورته معه ، وتكذيب فرعون وإهلاكه وإهلاك قومه ، والامتنان على موسى بإيتائه التوراة ؛ وأوحى تعالى بجميع ذلك إلى محمد رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ ذكره بإنعامه عليه بذلك ، وبما خصه من الغيوب التي كان لا يعلمها لا هو ولا قومه فقال : { وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر } .
والأمر ، قيل : النبوّة والحكم الذي آتاه الله موسى .
وقيل : الأمر : أمر محمد عليه السلام أن يكون من أمته ، وهذا التأويل يلتئم معه ما بعده من قوله : { ولكنا أنشأنا قروناً } .
وقيل : الأمر : هلاك فرعون بالماء ، ويحمل بجانب الغربى على اليم ، وبدأ أولاً بنفي شيء خاص ، وهو أنه لم يحضر وقت قضاء الله لموسى الأمر ، ثم ثنى بكونه لم يكن من الشاهدين .
والمعنى ، والله أعلم ؛ من الشاهدين بجميع ما أعلمناك به ، فهو نفي لشهادته جميع ما جرى لموسى ، فكان عموماً بعد خصوص .
وبجانب الغربي : من إضافة الموصوف إلى صفته عند قوم ، ومن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه عند قوم .
فعلى القول الأول أصله بالجانب الغربي ، وعلى الثاني أصله بجانب المكان الغربي ، والترجيح بين القولين مذكور في النحو .
والغربي ، قال قتادة : غربي الجبل ، وقال الحسن : بعث الله موسى بالغرب ، وقال أبو عبيدة : حيث تغرب الشمس والقمر والنجوم .
وقيل : الغربي من الوادي ، وقيل : من البحر .
قال ابن عطية : المعنى : لم تحضر يا محمد هذه الغيوب التي تخبر بها ، ولكنها صارت إليك بوحينا ، أي فكان الواجب أن يسارع إلى الإيمان بك ، ولكن تطاول الأمر على القرون التي أنشأناها زمناً زمناً ، فعزبت حلومهم ، واستحكمت جهالتهم وضلالتهم .
وقال الزمخشري : الغرب : المكان الواقع في شق الغرب ، وهو المكان الذي وقع فيه ميقات موسى من الطور ، وكتب الله له في الألواح .
والأمر المقضي إلى موسى : الوحي الذي أوحى إليه .
والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : وما كنت حاضراً المكان الذي أوحينا فيه إلى موسى ، ولا كنت من جملة الشاهدين للوحي إليه ، أو على الوحي إليه ، وهم نقباؤه الذين اختارهم للميقات ، حتى نقف من جملة المشاهدة على ما جرى من أمر موسى في ميقاته ، وكتب التوراة له في الألواح ، وغير ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.