اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلۡغَرۡبِيِّ إِذۡ قَضَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلۡأَمۡرَ وَمَا كُنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (44)

قوله : { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربي } ( قال قتادة والسدي : وما كنت بجانب الجبل الغربي{[40409]} ){[40410]} فيكون من حذف الموصوف ، وإقامة صفته قيامه{[40411]} أو أن يكون من إضافة الموصوف لصفته ، وهو مذهب الكوفيين ، ومثله : بَقْلَةُ الحَمْقَاءِ{[40412]} ، وَمَسْجِدُ الجَامِع{[40413]} .

قوله : { إِذْ قَضَيْنَا إلى مُوسَى الأمر } أي : عهدنا إليه وأحكمنا الأمر معه بالرسالة إلى فرعون وقومه ، والمعنى : وما كنت الحاضر المكان الذي أوحينا فيه إلى موسى ولا كنت من جملة الشاهدين للوحي إليه أو على الوحي إليه وهم نقباؤه الذي اختارهم للميقات{[40414]} . فإن قيل : لمَّا قال : { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربيّ } ثبت أنه لم يكن شاهداً ، لأن الشاهد لابد وأن يكون حاضراً فما{[40415]} الفائدة في إعادة قوله : { وَمَا كنتَ مِنَ الشاهدين } .

فالجواب : قال ابن عباس التقدير لم تحضر ذلك الموضع ولو حضرت ما شاهدت تلك الوقائع{[40416]} ، فإنه يجوز أن يكون هناك ، ولا يشهد ولا يرى{[40417]} .


[40409]:انظر البغوي 6/345.
[40410]:ما بين القوسين سقط من ب.
[40411]:انظر التبيان 2/1022، البحر المحيط 7/122.
[40412]:البقلة الحمقاء: الرجلة، وهي بقلة حولية عشبية لحمية لها بزور رقاق يؤكل ورقها مطبوخاً ونيئاً، وسميت حمقاء، لأنها تنبت على طرق الناس فتداس. اللسان (بقل، رجل)، المعجم الوسيط (رجل).
[40413]:اشترط الكوفيون لجواز إضافة الموصوف لصفته اختلاف لفظ المضاف والمضاف إليه، ومنع البصريون ذلك، لأن الصفة عين الموصوف، ولأن المضاف إليه كالشيء الواحد، ولا يضاف الشيء إلى نفسه، وتأولوا هذه الأشياء على حذف مضاف تقديره: بقلة الحبة الحمقاء، ومسجد المكان الجامع. انظر الهمع 2/48-49، الأشموني 2/249-250.
[40414]:انظر الكشاف 3/171، الفخر الرازي 24/256.
[40415]:في ب: و.
[40416]:في ب: المواضع والوقائع.
[40417]:انظر الفخر الرازي 24/257.