فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (30)

ثم لما اختار نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله أنزل فيهنّ هذه الآيات تكرمة لهنّ وتعظيماً لحقهنّ فقال : { يا نساء النبي مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بفاحشة مُّبَيّنَةٍ } أي ظاهرة القبح واضحة الفحش ، وقد عصمهنّ الله عن ذلك وبرأهنّ وطهرهنّ { يُضَاعَفْ لَهَا العذاب ضِعْفَيْنِ } أي يعذبهنّ مثلي عذاب غيرهنّ من النساء إذا أتين بمثل تلك الفاحشة ؛ وذلك لشرفهنّ وعلوّ درجتهنّ وارتفاع منزلتهنّ . وقد ثبت في هذه الشريعة في غير موضع أنّ تضاعف الشرف وارتفاع الدرجات يوجب لصاحبه إذا عصى تضاعف العقوبات . وقر أبو عمرو : " يضعف " على البناء للمفعول ، وفرق هو وأبو عبيد بين يضاعف ويضعف ، فقالا : يكون يضاعف ثلاثة عذابات ويضعف عذابين . قال النحاس : هذه التفرقة التي جاء بها لا يعرفها أحد من أهل اللغة ، والمعنى في يضاعف ويضعف واحد ، أي يجعل ضعفين ، وهكذا ضعف ما قالاه ابن جرير { وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيراً } لا يتعاظمه ولا يصعب عليه .

/خ34