فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِذۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمُ ٱثۡنَيۡنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزۡنَا بِثَالِثٖ فَقَالُوٓاْ إِنَّآ إِلَيۡكُم مُّرۡسَلُونَ} (14)

فأضاف الله سبحانه الإرسال إلى نفسه في قوله : { إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثنين } ، لأن عيسى أرسلهم بأمر الله سبحانه ، ويجوز أن يكون الله أرسلهم بعد رفع عيسى إلى السماء ، فكذبوهما في الرسالة ، وقيل : ضربوهما وسجنوهما . قيل : واسم الاثنين يوحنا وشمعون . وقيل : أسماء الثلاثة : صادق ، ومصدوق ، وشلوم قاله ابن جرير وغيره . وقيل : سمعان ، ويحيى ، وبولس { فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } قرأ الجمهور بالتشديد ، وقرأ أبو بكر عن عاصم بتخفيف الزاي . قال الجوهري : { فعزّزنا } يخفف ، ويشدّد : أي قوّينا ، وشدّدنا ، فالقراءتان على هذا بمعنى . وقيل : التخفيف بمعنى : غلبنا ، وقهرنا ومنه { وَعَزَّنِى في الخطاب } [ ص : 23 ] والتشديد بمعنى : قوّينا وكثرنا . قيل : وهذا الثالث هو شمعون ، وقيل : غيره { فَقَالُواْ إِنَّا إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ } أي قال الثلاثة جميعاً ، وجاؤوا بكلامهم هذا مؤكداً لسبق التكذيب للاثنين ، والتكذيب لهما تكذيب للثالث ، لأنهم أرسلوا جميعاً بشيء واحد ، وهو : الدعاء إلى الله عزّ وجلّ ، وهذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر ؛ كأنه قيل : ما قال هؤلاء الرّسل بعد التعزيز لهم بثالث ؟

/خ27