فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلۡحَقِّ مِن رَّبِّكُمۡ فَـَٔامِنُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ وَإِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (170)

{ فآمنوا خيراً لكم } اختلف أئمة النحو في انتصاب { خيراً } على ماذا ؟ فقال سيبويه ، والخليل بفعل مقدر ، أي : واقصدوا ، أو أتو خيراً لكم ، وقال الفراء : هو نعت لمصدر محذوف ، أي : فآمنوا إيماناً خيراً لكم ، وذهب أبو عبيدة ، والكسائي إلى أنه خبر لكان مقدّرة ، أي : فآمنوا يكن الإيمان خيراً لكم ، وأقوى هذه الأقوال الثالث ، ثم الأوّل ، ثم الثاني على ضعف فيه { وَإِن تَكْفُرُوا } أي : وإن تستمروا على كفركم : { فَإِنَّ للَّهِ مَا فِى السماوات والأرض } من مخلوقاته ، وأنتم من جملتهم ، ومن كان خالقاً لكم ولها فهو قادر على مجازاتكم بقبيح أفعالكم ، ففي هذه الجملة ، وعيد لهم مع إيضاح وجه البرهان ، وإماطة الستر عن الدليل بما يوجب عليهم القبول والإذعان . لأنهم يعترفون بأن الله خالقهم { وَلَئِن سَأَلْتَهُم منْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله } [ الزخرف : 87 ] .

/خ171