بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلۡحَقِّ مِن رَّبِّكُمۡ فَـَٔامِنُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ وَإِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (170)

قوله تعالى :

{ أَيُّهَا الناس } قال ابن عباس : يعني أهل مكة { قَدْ جَاءكُمُ الرسول بالحق مِن رَّبّكُمْ } أي بشهادة أن لا إله إلا الله ، ويقال : ببيان الحق . ويقال : للحق ، يعني للعرض والحجة وقوله تعالى : { قَدْ جَاءكُمُ } على وجه المجاز ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان فيهم ، ولكن معناه أنه قد ظهر فيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال في آية أخرى { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [ التوبة : 128 ] أي ظهر فيكم ثم قال : { فآمنوا خيرا لكم } أي صدقوا بوحدانية الله تعالى ، والقرآن الذي جاءكم به محمد صلى الله عليه وسلم خيراً لكم من عبادة الأوثان ، لأن عبادة الأوثان لا تغنيكم شيئاً . ثم قال تعالى : { وَإِن تَكْفُرُواْ } أي إن تجحدوا بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم ، فإن الله غنيٌّ عنكم { فَإِنَّ للَّهَ مَا فِي السماوات والأرض } كلهم عبيده وإماؤه { وَكَانَ الله عَلِيماً } بخلقه { حَكِيماً } في أمره .