البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلۡحَقِّ مِن رَّبِّكُمۡ فَـَٔامِنُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ وَإِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (170)

{ يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيراً لكم } هذا خطاب لجميع الناس .

وإن كانت السورة مدنية فالمأمور به أمر عام ، ولو كان خاصاً بتكليف ما لكان النداء خاصاً بالمؤمنين في الغالب .

والرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم ، والحق هو شرعه ، وقد فسر بالقرآن وبالدين وبشهادة التوحيد .

وروي عن ابن عباس أنها نزلت في المشركين .

وفي انتصاب خيراً لكم هنا .

وفي قوله : انتهوا خيراً لكم في تقدير الناصب ثلاثة أوجه : مذهب الجليل ، وسيبويه .

وأتوا خيراً لكم ، وهو فعل يجب إضماره .

ومذهب الكسائي وأبي عبيدة : يكن خيراً لكم ، ويضمر إن يكن ومذهب الفراء إيماناً خيراً لكم وانتهاء خيراً لكم ، بجعل خيراً نعتاً لمصدر محذوف يدل عليه الفعل الذي قبله .

والترجيح بين هذه الأوجه مذكور في علم النحو .

{ وإن تكفروا فإن لله ما في السموات والأرض } تقدم تفسير مثل هذا .

{ وكان الله عليماً حكيماً } عليماً بما يكون منكم من كفر وإيمان فيجازيكم عليه ، حكيماً في تكليفكم مع علمه تعالى بما يكون منكم .

/خ176