تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلۡحَقِّ مِن رَّبِّكُمۡ فَـَٔامِنُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ وَإِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (170)

الآية 170

وقوله تعالى : { يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم } يحتمل قوله { بالحق من ربكم } بالحق الذي لله عليكم . ويحتمل قوله{ بالحق من ربكم } بالحق الذي لبعضكم على بعض ؛ قد جاءكم الرسول من الله ببيان ذلك كله . ويحتمل قوله{ قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم } بالحق الذي هو ضد الباطل ونقيضه ، وفرق بينهما ، وأزال الشبه إن لم تعاندوا ، ولم تكابروا{ فآمنوا خيرا لكم } لأن الذي كان يمنعهم عن الإيمان بالله حب الرئاسة وخوف زوال المنافع التي كانت لهم ، فقال : { فآمنوا خيرا لكم } لأن ذلك لكم في الدنيا والآخرة دائم ، لا يزول ، ذلك خير لكم من الذي يكون في وقت ، ثم يزول عنكم عن سريع .

وقوله تعالى : { وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض } الآية : يخبر ، والله أعلم ، أن الله{[6826]} يأمر خلقه ، وينهى ، ليس يأمر ، وينهى لحاجة له ولمنفعة ، وينهى لحاجة الخلق ومنافعهم ؛ إذ من له ما في السموات وما في الأرض وملكهما ولا تقد له حاجة ولا منفعة ، وهو غني بذاته .

وقوله تعالى : { وكان الله عليما حكيما } { عليما } عن علم بأحوالكم ؛ خلقكم لا عن جهل ، { عليما } بما به صلاحكم وفسادكم{ حكيما } حين وضع كل شيء موضعه .

ويحتمل قوله تعالى : { وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض } وجها آخر ؛ وهو الذي تكفرونه يقدر أن يخلق خلقا أخر سواكم يطيعونه إذ له ما في السموات وما في الأرض ، والله أعلم .


[6826]:في الأصل وم: ما.