فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ وَيَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِۗ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (24)

{ الذين يَبْخَلُونَ وَيَامُرُونَ الناس بالبخل } الموصول في محل رفع بالابتداء ، وهو كلام مستأنف لا تعلق له بما قبله ، والخبر مقدّر : أي الذين يبخلون فالله غنيّ عنهم ، ويدل على ذلك قوله : { وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ الله هُوَ الغَنِيُّ الحميد } . وقيل : الموصول في محل جرّ بدل من مختال ، وهو بعيد ، فإن هذا البخل بما في اليد وأمر الناس بالبخل ليس هو معنى المختال الفخور ، لا لغة ولا شرعاً . وقيل : هو في محل جرّ نعت له ، وهو أيضاً بعيد . قال سعيد بن جبير : الذين يبخلون بالعلم ويأمرون الناس بالبخل به لئلا يعلموا الناس شيئًا . وقال زيد بن أسلم : إنه البخل بأداء حق الله ، وقيل : إنه البخل بالصدقة ، وقال طاووس : إنه البخل بما في يديه ، وقيل : أراد رؤساء اليهود الذين بخلوا ببيان صفة محمد في كتبهم لئلا يؤمن به الناس فتذهب مآكلهم ، قاله السدّي والكلبي ، قرأ الجمهور : { بِالبُخْلِ } بضم الباء وسكون الخاء . وقرأ أنس وعبيد بن عمير ويحيى بن يعمر ومجاهد وحميد وابن محيصن وحمزة والكسائي بفتحتين ، وهي لغة الأنصار . وقرأ أبو العالية وابن السميفع بفتح الباء وإسكان الخاء . وقرأ نصر بن عاصم بضمهما ، وكلها لغات { وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ الله هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيد } أي ومن يعرض عن الإنفاق ، فإن الله غنيّ عنه محمود عند خلقه لا يضره ذلك . قرأ الجمهور { هو الغَنِيُّ } بإثبات ضمير الفصل . وقرأ نافع وابن عامر : «فإن الله الغني الحميد » بحذف الضمير .

/خ24