قوله : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بالبَيِّنَاتِ } أي بالمعجزات البينة والشرائع الظاهرة { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ } المراد الجنس ، فيدخل فيه كتاب كلّ رسول { والميزان لِيَقُومَ الناس بالقسط } قال قتادة ومقاتل بن حيان : الميزان : العدل ، والمعنى : أمرناهم بالعدل ، كما في قوله : { والسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزَان } [ الرحمن : 7 ] وقوله : { الله الذي أَنزَلَ الكتاب بالحق والميزان } [ الشورى : 17 ] وقال ابن زيد : هو ما يوزن به ويتعامل به ، ومعنى : { لِيَقُومَ الناس بالقسط } ليتبعوا ما أمروا به من العدل فيتعاملوا فيما بينهم بالنصفة ، والقسط : العدل ، وهو يدل على أن المراد بالميزان العدل ، ومعنى إنزاله : إنزال أسبابه وموجباته . وعلى القول بأن المراد به الآلة التي يوزن بها فيكون إنزاله بمعنى : إرشاد الناس إليه ، وإلهامهم الوزن به ، ويكون الكلام من باب :
علفتها تبناً وماءً بارداً *** . . .
{ وَأَنزْلْنَا الحديد } أي خلقناه كما في قوله : { وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } [ الزمر : 6 ] والمعنى : أنه خلقه من المعادن وعلم الناس صنعته ، وقيل : إنه نزل مع آدم { فِيهِ بَاسٌ شَدِيدٌ } لأنه تُتَّخَذُ منه آلات الحرب . قال الزجاج : يمتنع به ويحارب ، والمعنى : أنه تتخذ منه آلة للدفع وآلة للضرب . قال مجاهد : فيه جنة وسلاح ، ومعنى { ومنافع لِلنَّاسِ } : أنهم ينتفعون به في كثير مما يحتاجون إليه مثل السكين والفأس والإبرة وآلات الزراعة والنجارة والعمارة { وَلِيَعْلَمَ الله مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بالغيب } معطوف على قوله : { ليقوم الناس } أي لقد أرسلنا رسلنا وفعلنا كيت وكيت ليقوم الناس وليعلم ، وقيل : معطوف على علة مقدّرة ، كأنه قيل : ليستعملوه وليعلم الله ، والأوّل أولى . والمعنى : أن الله أمر في الكتاب الذي أنزل بنصرة دينه ورسله فمن نصر دينه ورسله علمه ناصراً ، ومن عصى علمه بخلاف ذلك و { بالغيب } في محلّ نصب على الحال من فاعل ينصره أو من مفعوله : أي غائباً عنهم أو غائبين عنه { إِنَّ الله قَوِىٌّ عَزِيزٌ } أي قادر على كل شيء غالب لكل شيء ، وليس له حاجة في أن ينصره أحد من عباده وينصر رسله ، بل كلفهم بذلك لينتفعوا به إذا امتثلوا ويحصل لهم ما وعد به عباده المطيعين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.