فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ وَيَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِۗ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (24)

{ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل } قرأ الجمهور بضم الباء وسكون الخاء وقرء بفتحتين وهي لغة الأنصار ، وقرئ بفتح الباء وإسكان الخاء وضمهما ، كلها لغات وهو كلام مستأنف لا تعلق له بما قبله ، والخبر مقدر أي الذين يبخلون بما يجب عليهم من المال كزكاة وكفارة ، ومن تعليم العلم ونشره وإذاعة أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم ، فالله غني عنهم ، وقيل : الموصول في محل جر بدل من مختال ، وهو بعيد ، فإن هذا البخل بما في اليد وأمر الناس بالبخل ليس هو معنى المختال الفخور ، لا لغة ولا شرعا ، وقيل : نعت له ، وهو أيضا بعيد .

ويدل على الأول قوله : { ومن يتول فإن الله الغني الحميد } أي ومن يعرض عن الإنفاق فإن الله غني عنه ، محمود عند خلقه ، لا يضره ذلك ، قرأ الجمهور بإثبات ضمير الفصل وقرئ بحذفه قال سعيد بن جبير الذين يبخلون بالعلم ويأمرون الناس بالبخل لئلا يعلموا الناس شيئا وقال زيد ابن أسلم إنه البخل بأداء حق الله ، وقيل : إنه البخل بالصدقة ، وقال طاوس : إنه البخل بما في يديه ، وقيل : أراد رؤساء اليهود الذين بخلوا ببيان صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم ، لئلا يؤمن به الناس فتذهب مآكلهم ، قاله السدي والكلبي .