فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٞ} (23)

{ إلى رَبّهَا نَاظِرَةٌ } هذا من النظر : أي إلى خالقها ومالك أمرها ناظرة : أي تنظر إليه ، هكذا قال جمهور أهل العلم ، والمراد به ما تواترت به الأحاديث الصحيحة من أن العباد ينظرون ربهم يوم القيامة ، كما ينظرون إلى القمر ليلة البدر . قال ابن كثير : وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة ، كما هو متفق عليه بين أئمة الإسلام وهداة الأنام . وقال مجاهد : إن النظر هنا انتظار ما لهم عند الله من الثواب ، وروي نحوه عن عكرمة . وقيل : لا يصح هذا إلاّ عن مجاهد وحده . قال الأزهري : وقول مجاهد خطأ لأنه لا يقال : نظر إلى كذا بمعنى الانتظار ، وإن قول القائل : نظرت إلى فلان ليس إلاّ رؤية عين ، إذا أرادوا الانتظار قالوا : نظرته ، كما في قول الشاعر :

فإنكما إن تنظراني ساعة *** من الدهر تنفعني لدى أمّ جندب

فإذا أرادوا نظر العين قالوا : نظرت إليه ، كما قال الشاعر :

نظرت إليها والنجوم كأنها *** مصابيح رهبان تشب لفعال

وقول الآخر :

إني إليك لما وعدت لناظر *** نظر الفقير إلى الغنيّ الموسر

أي انظر إليك نظر ذلّ كما ينظر الفقير إلى الغنيّ ، وأشعار العرب وكلماتهم في هذا كثيرة جدّاً .

/خ25