فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا} (6)

{ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ الله } انتصاب { عيناً } على أنها بدل من { كافوراً } ، لأن ماءها في بياض الكافور . وقال مكي : إنها بدل من محل { مِن كَأْسٍ } على حذف مضاف كأنه قيل : يشربون خمراً خمر عين ، وقيل : إنها منتصبة على أنها مفعول يشربون : أي عيناً من كأس ، وقيل : هي منتصبة على الاختصاص ، قاله الأخفش ، وقيل : منتصبة بإضمار فعل يفسره ما بعده : أي يشربون عيناً يشرب بها عباد الله ، والأوّل أولى ، وتكون جملة { يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ الله } صفة ل { عيناً } . وقيل : إن الباء في { يَشْرَبُ بِهَا } زائدة . وقيل : بمعنى من قاله الزجاج ، ويعضده قراءة ابن أبي عبلة يشربها عباد الله . وقيل : إن يشرب مضمن معنى يلتذّ . وقيل : هي متعلقة ب { يشرب } ، والضمير يعود إلى الكأس . وقال الفراء : يشربها ويشرب بها سواء في المعنى ، وكأنّ يشرب بها يروى بها وينتفع بها وأنشد قول الهذلي :

شربن بماء البحر ثم ترفعت *** . . .

قال : ومثله تكلم بكلام حسن ، وتكلم كلاماً حسناً { يُفَجّرُونَهَا تَفْجِيراً } أي يجرونها إلى حيث يريدون وينتفعون بها كما يشاءون ويتبعهم ماؤها إلى كل مكان يريدون وصوله إليه ، فهم يشقونها شقاً كما يشقّ النهر ويفجر إلى هنا وهنا . قال مجاهد : يقودونها حيث شاءوا وتتبعهم حيث مالوا مالت معهم ، والجملة صفة أخرى ل { عيناً } .

/خ12