هي إحدى وثلاثون آية قال الجمهور : هي مدنية . وقال مقاتل والكلبي : هي مكية . وأخرج النحاس عن ابن عباس أنها نزلت بمكة . وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله ، وقيل فيها مكي من قوله : { إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً } إلى آخر السورة ، وما قبله مدنيّ . وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمر قال : «جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : سل واستفهم ، فقال : يا رسول الله فضلتم علينا بالألوان والصور والنبوة أفرأيت إن آمنت بما آمنت به وعملت بما عملت به : أني كائن معك في الجنة ، قال : نعم والذي نفسي بيده إنه ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام ، ثم قال : من قال لا إله إلا الله كان له عهد عند الله . ومن قال : سبحان الله وبحمده كتب له مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة ، ونزلت هذه السورة { هل أتى على الإنسان حين من الدهر } إلى قوله : { ملكاً كبيراً } فقال الحبشيّ : وإن عيني لترى ما ترى عيناك في الجنة ، قال : نعم ، فاشتكى حتى فاضت نفسه . قال ابن عمر : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيده » . وأخرج أحمد في الزهد عن محمد بن مطرف قال : حدّثني الثقة «أن رجلاً أسود كان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التسبيح والتهليل ، فقال له عمر بن الخطاب : أكثرت على رسول الله ، فقال : مه يا عمر . وأنزلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم «هل أتى على الإنسان حين من الدهر » حتى إذا أتى على ذكر الجنة زفر الأسود زفرة خرجت نفسه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مات شوقاً إلى الجنة » . وأخرج نحوه ابن وهب عن ابن زيد مرفوعاً مرسلاً . وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن منيع وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والضياء عن أبي ذر قال : «قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { هل أتى على الإنسان } حتى ختمها ، ثم قال : إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء وحقّ لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله ، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل » .
حكى الواحدي عن المفسرين وأهل المعاني أن { هَلُ } هنا بمعنى قد ، وليس باستفهام ، وقد قال بهذا سيبويه والكسائي والفراء وأبو عبيدة . قال الفراء : هل تكون جحداً وتكون خبراً فهذا من الخبر لأنك تقول : هل أعطيتك تقرّره بأنك أعطيته ، والجحد أن تقول : هل يقدر أحد على مثل هذا وقيل : هي وإن كانت بمعنى قد ففيها معنى الاستفهام ، والأصل : أهل أتى ، فالمعنى : أقد أتى ، والاستفهام للتقرير والتقريب ، والمراد بالإنسان هنا آدم ، قاله قتادة والثوري وعكرمة والسديّ وغيرهم { حِينٌ مّنَ الدهر } قيل : أربعون سنة قبل أن ينفخ فيه الروح . وقيل : إنه خلق من طين أربعين سنة ، ثم من حمأ مسنون أربعين سنة ، ثم من صلصال أربعين سنة ، فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة . وقيل : الحين المذكور هنا لا يعرف مقداره . وقيل المراد بالإنسان بنو آدم ، والحين مدّة الحمل ، وجملة : { لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } في محل نصب على الحال من الإنسان ، أو في محل رفع صفة لحين . قال الفراء وقطرب وثعلب : المعنى أنه كان جسداً مصوّراً تراباً وطيناً لا يذكر ولا يعرف ولا يدرى ما اسمه ولا ما يراد به ، ثم نفخ فيه الروح فصار مذكوراً . وقال يحيى بن سلام : لم يكن شيئًا مذكوراً في الخلق ، وإن كان عند الله شيئًا مذكوراً . وقيل : ليس المراد بالذكر هنا الإخبار ، فإن إخبار الربّ عن الكائنات قديم ، بل هو الذكر بمعنى الخطر والشرف ، كما في قوله : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف : 44 ] . قال القشيري : ما كان مذكوراً للخلق وإن كان مذكوراً لله سبحانه . قال الفراء : كان شيئًا ولم يكن مذكوراً . فجعل النفي متوجهاً إلى القيد . وقيل المعنى : قد مضت أزمنة وما كان آدم شيئًا ولا مخلوقاً ولا مذكوراً لأحد من الخليقة . وقال مقاتل : في الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره : هل أتى حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكوراً ، لأنه خلقه بعد خلق الحيوان كله ، ولم يخلق بعده حيوان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.