فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ} (19)

{ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } هذا جواب القسم . قرأ حمزة والكسائي وابن كثير وأبو عمرو : «لَتَرْكَبَنَّ » بفتح الموحدة على أنه خطاب للواحد وهو النبيّ صلى الله عليه وسلم ، أو لكل من يصلح له وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس وأبي العالية ومسروق وأبي وائل ومجاهد والنخعي والشعبي وسعيد بن جبير وقرأ الباقون بضم الموحدة خطاباً للجمع ، وهم الناس . وقال الشعبي ومجاهد : لتركبنّ يا محمد سماء بعد سماء . قال الكلبي : يعني : تصعد فيها ، وهذا على القراءة الأولى ، وقيل : درجة بعد درجة ، ورتبة بعد رتبة في القرب من الله ورفعة المنزلة ، وقيل المعنى : لتركبنّ حالاً بعد حال كل حالة منها مطابقة لأختها في الشدّة ، وقيل المعنى : لتركبنّ أيها الإنسان حالاً بعد حال من كونك نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم حياً ، وميتاً ، وغنياً ، وفقيراً ، فالخطاب للإنسان المذكور في قوله : { يأَيُّهَا الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبّكَ كَدْحاً } واختار أبو عبيد وأبو حاتم القراءة الثانية قالا : لأن المعنى بالناس أشبه منه بالنبيّ صلى الله عليه وسلم . وقرأ عمر : «ليركبنّ » بالتحتية ، وضم الموحدة على الإخبار ، وروي عنه وعن ابن عباس أنهما قرآ بالغيبة ، وفتح الموحدة : أي ليركبنّ الإنسان ، وروي عن ابن مسعود وابن عباس أنهما قرآ بكسر حرف المضارعة وهي لغة ، وقرئ بفتح حرف المضارعة وكسر الموحدة على أنه خطاب للنفس . وقيل : إن معنى الآية : ليركبنّ القمر أحوالاً من سرار واستهلال ، وهو بعيد . قال مقاتل { طَبَقاً عَن طَبقٍ } يعني : الموت والحياة . وقال عكرمة : رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شابّ ثم شيخ . ومحل { عن طبق } النصب على أنه صفة ل { طبقاً } أي طبقاً مجاوزاً لطبق ، أو على الحال من ضمير لتركبنّ : أي مجاوزين ، أو مجاوزاً .

/خ25