فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدۡحٗا فَمُلَٰقِيهِ} (6)

{ يأيّها الإنسان } المراد جنس الإنسان فيشمل المؤمن والكافر ، وقيل : هو الإنسان الكافر ، والأوّل أولى لما سيأتي من التفصيل { إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبّكَ كَدْحاً } الكدح في كلام العرب : السعي في الشيء بجهد من غير فرق بين أن يكون ذلك الشيء خيراً أو شرّاً ، والمعنى : أنك ساع إلى ربك في عملك ، أو إلى لقاء ربك ، مأخوذ من كدح جلده : إذا خدشه . قال ابن مقبل :

وما الدهر إلا تارتان فمنهما *** أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح

قال قتادة والضحاك والكلبي : عامل لربك عملاً { فملاقيه } أي فملاق عملك ، والمعنى : أنه لا محالة ملاق لجزاء عمله وما يترتب عليه من الثواب والعقاب . قال القتيبي : معنى الآية : إنك كادح : أي عامل ناصب في معيشتك إلى لقاء ربك ، والملاقاة بمعنى اللقاء : أي تلقى ربك بعملك ، وقيل : فملاق كتاب عملك ، لأن العمل قد انقضى .

/خ25