تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لِّتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا} (9)

8

المفردات :

وتعزروه : وتنصروه .

وتوقروه : وتعظموه .

وتسبحوه : وتنزهوه ، وتصلوا عليه .

بكرة وأصيلا : غدوة وعشيا ، أي : أول النهار وآخره ، والمراد : جميع النهار ، إذ من سنن العرب أن يذكروا طرفي الشيء ، يريدون بذلك جميعه ، كما يقال : شرقا وغربا ، لجميع الدنيا .

التفسير :

9- { لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا } .

أرسلنا رسولا من أجل أن تؤمنوا أيها المؤمنون بالله ربا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا .

{ وتعزروه } . بالاستجابة لدينه والإيمان برسوله ، وتقويته ونصره ، والانضمام تحت لوائه .

{ وتوقروه } . تعظموه .

{ وتسبحوه } . تنزهوه عما لا يليق ، فالله سبحانه وتعالى متصف إجمالا بكل كمال ، ومنزه عن كل نقص ، والتسبيح ذكر الله ، مثل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

{ بكرة وأصيلا } . أول النهار وآخره ، وقيل : البكرة والأصيل جميع النهار ، ويكنى بالتعبير عن جميع الشيء بطرفيه .

وقال ابن عباس : المراد بهما صلوات الفجر والظهر والعصر .

قال القاسمي في تفسير الآية ما يأتي :

والضمائر كلها على ما ذكرنا لله ، وجُوّز إعادة الأولين للرسول ، والأخير لله ، إلا أن فيه تفكيكا . اه .

وقال القرطبي في تفسيره :

والهاء في قوله تعالى : { وتعزروه وتوقروه . . . } للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهنا وقف تام ، ثم تبتدئ بقوله تعالى : { وتسبحوه } . أي : تسبحوا الله بكرة وأصيلا .

وقيل : الضمائر كلها لله تعالى ، فعلى هذا يكون تأويل : { وتعزروه وتوقروه . . . } أي : تثبتوا له صحة الربوبية ، وتنفوا عنه أن يكون له ولد أو شريك . اه .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{لِّتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا} (9)

{ لّتُؤْمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته كقوله سبحانه : { يأيُّهَا النبى إِذَا طَلَّقْتُمُ النساء } [ الطلاق : 1 ] وهو من باب التغليب غلب فيه المخاطب على الغيب فيفيد أن النبي عليه الصلاة والسلام مخاطب بالإيمان برسالته لأمة وهو كذلك ، وقال الواحدي : الخطاب في { أرسلناك } [ الفتح : 8 ] للنبي صلى الله عليه وسلم وفي { لّتُؤْمِنُواْ } لأمته فعلى هذا إن كان اللام للتعليل يكون المعلل محذوفاً أي لتؤمنوا بالله وكيت وكيت فعل ذلك الإرسال أو للأمر على طريقة { فبذلك فلتفرحوا } [ يونس : 58 ] على قراءة التاء الفوقانية فقيل هو على معنى قل لهم : لتؤمنوا الخ ، وقيل : هو للأمة على أن خطابه صلى الله عليه وسلم منزل منزلة خطابهم فهو عينه ادعاء ، واللام متعلقة بأرسلنا ، ولا يعترض عليه بما قرره الرضى وغيره من أنه يمتنع أن يخاطب في كلام واحد اثنان من غير عطف أو تثنية أو جمع لأنه بعد التنزيل لا تعدد ، وجوز أن يكون ذلك لأنهم حينئذ غير مخاطبين في الحقيقة فخطابهم في حكم الغيبة ، وقيل : الامتناع المذكور مشروط بأن يكون كل من المخاطبين مستقلاً أما إذا كان أحدهما داخلا في خطاب الآخر فلا امتناع كما يعلم من تتبع كلامهم ، وحينئذ يجوز أن يراد خطاب الأمة أيضاً من غير تغليب ، والكلام في ذلك طويل وما ذكر سابقاً سالم عن القال والقيل { وَتُعَزّرُوهُ } أي تنصروه كما روي عن جابر بن عبد الله مرفوعاً وأخرجه جماعة عن قتادة ، والضمير لله عز وجل ، ونصرته سبحانه بنصره دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم { وَتُوَقّرُوهُ } أي تعظموه كما قال قتادة وغيره ، والضمير له تعالى أَيضاً ، وقيل : كلا الضميرين للرسول صلى الله عليه وسلم وروي عن ابن عباس ، وزعم بعضهم أنه يتعين كون الضمير في { *تعزروه } للرسول عليه الصلاة والسلام لتوهم أن التعزير لا يكون له سبحانه وتعالى كما يتعين عند الكل كون الضمير في قوله تعالى : { وَتُوَقّرُوهُ وَتُسَبّحُوهُ } لله سبحانه وتعالى ، ولا يخفى أن الأول كون المضيرين فيما تقدم لله تعالى أيضاً لئلا يلزم فك الضمائر من غير ضرورة أي وتنزهوا الله تعالى أو تصلوا له سبحانه من السبحة { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } غدوة وعشيا ، والمراد ظاهرهما أو جميع النهار ويكنى عن جيمع الشيء بطرفيه كما يقال شرقاً وغرباً لجميع الدنيا ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر ، وقرأ أبو جعفر . وأبو حيوة . وابن كثير . وأبو عمرو الأفعال الأربعة أعني لتؤمنوا وما بعده بياء الغيبة ، وعن ابن مسعود . وابن جبير كذلك إلا أنهما قرآ { عَبْدُ الله } بالاسم الجليل مكان الضمير ، وقرى الجحدري { تعزروه } بفتح التاء الفوقية وضم الزاي مخففاً ، وفي رواية عنه فتح الاتء وكسر الزاي مخففاً وروي هذا عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه ، وقرئ بضم التاء وكسر الزاي مخففاً ، وقرأ ابن عباس . ومحمد بن اليماني { *تعززوه } بزاءين من العزة أي تجعلوه عزيزاً وذلك بالنسبة إليه سبحانه بجعل دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم كذلك . وقرئ { وَتُوَقّرُوهُ } من أوقره بمعنى وقره .