فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِّتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا} (9)

{ لتؤمنوا بالله ورسوله } قرأ الجمهور بالفوقية وقرئ بالتحتية ، فعلى الأولى الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته ، وعلى الثانية المراد المبشرون والمنذرون وهما سبعيتان ، وفيه امتنان منه تعالى عليه صلى الله عليه وسلم حيث شرفه بالرسالة وبعثه إلى الكافة شاهدا على أعمال أمته .

{ وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا } أي غدوة وعشية ، والخلاف بين القراء في هذه الأفعال الثلاثة ، كالخلاف في لتؤمنوا كما سلف ومعنى تعزروه تعظموه أو تفخموه قاله الحسن ، والتعزيز التوقير والتعظيم وقال قتادة : تنصروه وتمنعوا منه ، وقال عكرمة : تقاتلوا معه بالسيف ، وقال ابن عباس : يعني الإجلال ؛ وعنه قال : تضربوا بين يديه بالسيف .

وعن جابر بن عبد الله قال : " لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية وتعزروه قال لأصحابه : ما ذاك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : لتنصروه " {[1507]} ، رواه ابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر في تاريخه ، ومعنى توقروه تعظموه ، وقال السدي : تسودوه ، وقال ابن عباس : يعني التعظيم قيل : والضميران في الفعلين للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهنا وقف تام ، ثم يبتدئ وتسبحوه ، أي تسبحوا الله عز وجل وهو من التسبيح الذي هو التنزيه من جميع النقائض ، أو من السبحة وهي الصلاة وقيل : الضمائر كلها في الأفعال الثلاثة لله عز وجل فيكون المعنى تثبتون له التوحيد وتنفون عنه الشركاء وقيل تنصروا دينه وتجاهدوا مع رسوله وزاد الزمخشري ومن فرق الضمائر فقد أبعد ، ومثله في المدارك قال الحفناوي : وهذا أظهر لتكون الضمائر على وتيرة واحدة .


[1507]:مسلم.