السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لِّتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا} (9)

ثم بين تعالى فائدة الإرسال . بقوله سبحانه : { ليؤمنوا بالله } أي : لا يسوغ لأحد من خلقه . والكل خلقه التوجه إلى غيره { ورسوله } أي : الذي أرسله من له كل شيء ملكاً وخلقاً إلى جميع خلقه { ويعزروه } أي يعينوه وينصرونه والتعزير نصر مع تعظيم { ويوقروه } أي : يعظموه والتوقير التعظيم والتبجيل { ويسبحوه } من التسبيح الذي هو التنزيه عن جميع النقائص أو من السبحة وهي الصلاة . قال الزمخشري : والضمائر لله عز وجلّ : والمراد بتعزير الله تعزير دينه ورسوله ومن فرّق الضمائر فقد أبعد . وقال غيره : الكنايات في قوله { ويعزروه ويوقروه } راجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندها تم الكلام فالوقف على { ويوقروه } وقف تامّ ثم يبتدئ بقوله تعالى : { ويسبحوه } { بكرةً وأصيلاً } أي غدوةً وعشياً أي دائماً وعن ابن عباس صلاة الفجر وصلاة الظهر والعصر على أنّ الكناية في { ويسبحوه } راجعة إلى الله عز وجلّ وقال البقاعي : الأفعال الثلاثة يحتمل أن يراد بها الله تعالى لأنّ من سعى في قمع الكفار فقد فعل فعل المعزر الموقر ، فيكون إما عائداً على المذكور وإمّا أن يكون جعل الأسمين واحداً إشارة إلى اتحاد المسميين في الأمر فلما اتحد أمرهما وحد الضمير إشارة إلى ذلك ا . ه فعنده أنه يصح رجوع الثلاثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه فسر { ويسبحوه } بقوله ينزهوه عن كل وخيمة باختلاف الوعد بدخول مكة والطواف بالبيت الحرام ونحو ذلك . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : بالياء في الأربعة على الغيبة رجوعاً إلى قوله تعالى { ليدخل المؤمنين والمؤمنات } والباقون بالتاء على الخطاب .