تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوجٖ مِّن سَبِيلٖ} (11)

10

11- { قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل } .

الموتة الأولى حيث كانوا في حالة العدم .

والموتة الثانية في نهاية الحياة الدنيا .

والحياة الأولى عند ميلاد الطفل .

والحياة الثانية عند البعث والحشر والحساب .

والكلام هنا فيه تلطف في السؤال ، حيث نجد الكافر يشاهد أهوال القيامة ، فيتمنى الرجوع إلى الدنيا ، فلا يجاب إلى ذلك ، فإذا دخل النار ولمس عذابها وعاين أهلها ، تلطّف في طلب الرجوع إلى الدنيا ، وقال : يا رب ، إن قدرتك على الإحياء والإماتة لا حدّ لها ، فقد أحييتنا بالميلاد في الدنيا ، وبالبعث في الآخرة ، أي مرتين ، وأمتّنا قبل وجودنا في الدنيا ، ثم في نهاية الحياة الدنيا ، فهل يمكن بأيّ وسيلة أن نخرج من جهنم ، ونعود إلى الدنيا لنعمل صالحا ، ونتدارك ما فاتنا ؟

وقد تكر هذا المعنى في القرآن الكريم ، حيث نجد أن الكفار يسألون الله الرجعة إلى الدنيا عند مشاهد العذاب ، نجد ذلك في الآية 12 من سورة السجدة ، وفي الآيتين 27 ، 28 من سورة الأنعام ، وفي الآيتين 107 ، 108 من سورة المؤمنون ، وفي الآية 37 من سورة فاطر حيث يقول الله تعالى : { وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير } .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوجٖ مِّن سَبِيلٖ} (11)

قوله : { قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ } { اثْنَتَيْنِ } ، نعت لمصدر محذوف ؛ أي أمتنا إماتتين وأحييتنا إحياءتين اثنتين . والمراد بالإماتتين ، خَلْقهم أمواتا أولا ؛ إذ كانوا نُطفا لا روح فيها ، ثم إماتتهم عند انقضاء آجالهم بعد أن كانوا أحياء في الدنيا . وأما المراد بالإحياءتين : الإحياءة الأولى في الدنيا ، ثم إحياءة البعث .

قوله : { فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا } ذلك اعتراف منهم بذنوبهم بعد أن عاينوا عذاب النار وأيقنوا أنهم مكبكبون في الجحيم ، فقالوا : اعترفنا بما أسلفنا من الذنوب والسيئات في الدنيا من تكذيب وإشراك وتلبُّس بالسيئات والمعاصي . يقولون ذلك وقد غشيهم من الندامة والحسرة ما غشيهم وهم حينئذ موقنون أنهم لا ينفعهم الاعتراف أو الندم .

قوله : { فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ } يعني هل من سبيل إلى خروج لنا من النار ورجوع إلى الدنيا . ذلك هو تمنِّي الخاسرين يوم القيامة عند معاينة العذاب ؛ وذلك لفرط ما يصيبهم من الذعر ، وفرط ما يحيط بهم من شدة البأس والقنوط .