تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ} (29)

ألوان من الحجج والبراهين

{ يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد 29 وقال الذين آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب30 مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد 31 ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد 32 يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد 33 ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب 34 الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على قلب متكبر جبار 35 }

المفردات :

ظاهرين في الأرض : غالبين عالين على بني إسرائيل في أرض مصر .

من بأس الله : من عذاب الله .

ما أريكم إلا ما أرى : ما أشير عليكم إلا بما أشير به على نفسي ، وهو قتل موسى .

إلا سبيل الرشاد : إلا طريق الصلاح والصواب .

29

التفسير :

29- { يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } .

يا قومي ويا عشيرتي ، أنتم اليوم تتمتعون بملك مصر ، ولكم الغلبة والدولة والعلوّ على بني إسرائيل ، وإنّي أحذركم من قتل موسى ظلما ، فنستحق حينئذ بطش الله الشديد ، الذي لا يغلبه غالب .

وتوجه إليهم بهذا الاستفهام الإنكاري قائلا : { فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا } . ؟

أي : من يمنعنا من عقوبة الله وعذابه إذا نزل بنا ؟ .

والجواب : لا أحد .

قال تعالى : { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } . ( هود : 102 )

{ قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } .

أي : قال فرعون معقبا على نصيحة هذا المؤمن : ما أريكم من الرأي والنصيحة إلا ما أراه لنفسي ، وما أُشير عليكم إلا بالذي أراه وأستصوبه لنفسي من قتل موسى ، وما أقدم لكم إلا طريق الصواب والصلاح ، فأنا لا أغشكم ، ولا أظهر لكم خلاف ما أبطن ، وقد كَذَب فرعون وغشّ أمته في ذلك ، وسيلقى عقوبة الحاكم الغاشّ لأمته ، حين يملأ ركنا من أركان جهنم ، ولا يجد ريح الجنة ، لقد كان فرعون يرتعد فرقا من قتل موسى ، ويتظاهر بالتجلد .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ} (29)

{ يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ } حال من ضمير { لكم } وفي ذلك ينبههم الرجل المؤمن إلى أنهم في زمامهم أولو مُلك ومنعة وشوكة { ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ } يعني أولي بأس وقوة في أرض مصر ، عالين فيها على بني إسرائيل . أي لكم ملك مصر وقد علوتم الناس وقهرتموهم فلا تفسدوا أمركم على أنفسكم ولا تتعرضوا لعذاب الله وشديد بأسه وانتقامه . وهو قوله : { فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا } يحذِّرُ قومه بأس الله وأليم عقابه وانتقامه فإنه إن نزل بهم فلا طاقة لهم بدفعه أو احتماله وليس لهم من أحد يغنيهم أو يمنعهم من البلاء إن حاق بهم . لكن فرعون ذو طبع غليظ كزٍّ ، وقلب شديد القسوة بور ، لا يصيخ لموعظة ولا يرق لعبرة أو نصح . بل ظل موغلا في الجحود والتكذيب والصدِّ عن دين الله بالقهر والتجبر فقال : { مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ } يعني ما أشير عليكم بما أراه وهو قتل موسى ولا أستصوب غير قتله . وما تقولونه أنتم خلاف ذلك فهو غير سديد { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ } يعني ما أدلكم برأيي هذا إلا سبيل الصواب والسداد{[4016]} .


[4016]:الكشاف ج 3 ص 423-425 وتفسير النسفي ج 4 ص 76-77