تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ} (41)

{ قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون } .

المفردات :

سبحانك : تنزيها لله عن الشرك .

أنت ولينا : أنت ربنا الذي نواليه ونطيعه ، ونخلص له في العبادة .

يعبدون الجن : آي : الشياطين ، حيث أطاعهم في عبادة الله .

التفسير :

أي : قالت الملائكة لله تعالى : تنزهت يا ربنا عن الشريك والمثيل ، أنت الذي نواليه بالطاعة والعبادة إذ لا موالاة بيننا وبينهم ، وما رضينا عن عبادتهم لنا ، إن طاعتهم وعبادتهم كانت للجن والشياطين ، الذين زينوا لهم عبادة للأصنام والأوثان .

وقال ابن عطية : في الأمم السابقة من عبد الجن وفى القرآن ما يشير إلى ذلك قال تعالى : { وجعلوا لله شركاء الجن . . . }( الأنعام : 100 ) .

{ أكثرهم بهم مؤمنون } .

أي : مصدقون فأطاعوهم في عبادة الأصنام وعصوك وعصوا رسلك فلم يعبدوك ولم يطيعوا رسلك .

وذكر أبن الوردي في تاريخه أن سبب حدوث عبادة الأصنام في العرب أن عمر بن لحى مر بقوم في الشام فرآهم يعبدون الأصنام ، فسألهم فقالوا له هذه أرباب نتخذها على شكل الهياكل العلوية فنستنصر بها ونستقى فتبعهم وأتى بصنم معه في الحجاز وسول للعرب عبادته فعبدوه فاستمرت عبادة الأصنام فيهم إلى أن جاءت عبادة الأصنام .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ} (41)

قوله تعالى : { قالوا سبحانك } تنزيهاً لك ، { أنت ولينا من دونهم } أي : نحن نتولاك ولا نتولاهم ، { بل كانوا يعبدون الجن } يعني : الشياطين ، فإن قيل لهم كانوا يعبدون الملائكة فكيف وجه قوله : { يعبدون الجن } قيل : أراد الشياطين زينوا لهم عبادة الملائكة ، فهم كانوا يطيعون الشياطين في عبادة الملائكة ، فقوله { يعبدون } أي : يطيعون الجن ، { أكثرهم بهم مؤمنون } يعني : مصدقون للشياطين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ} (41)

{ قالوا } أي الملائكة متبرئين منهم مفتتحين بالتنزيه تخضعاً بين يدي البراءة خوفاً {[57017]}من حلول السطوة{[57018]} { سبحانك } أي ننزهك تنزيهاً يليق بجلالك عن أن يستحق أحد{[57019]} غيرك أن يعبد .

ولما كانوا كارهين جداً لعبادتهم ، وكانت فائدة العبادة الوصلة{[57020]} بين العابد والمعبود قالوا : { أنت ولينا } أي معبودنا الذي لا وصلة بيننا وبين أحد إلا بأمره { من دونهم } أي من أقرب منزلة لك من منازلهم منا ، فأنت أقرب شيء إلينا في كل معاني الولاية من العلم والقدرة وغيرهما ، فكيف نترك الأقرب والأقوى ونتولى الأبعد العاجز{[57021]} ، ليس بيننا وبينهم من{[57022]} ولاية ، بل عداوة ، وكذا كل من تقرب إلى شخص بمعصية الله يقسي الله قلبه عليه ويبغضه فيه فيجافيه{[57023]} ويعاديه .

ولما كان{[57024]} من يعمل لأحد عملاً لم يأمر به ولم يرضه إنما عمل{[57025]} في الحقيقة للذي دعاه إلى ذلك العمل قالوا : { بل كانوا } بأفعالهم الاختيارية الموجبة للشرك { يعبدون الجن } أي إبليس وذريته الذين زينوا لهم عبادتنا من غير رضانا بذلك{[57026]} ، وكانوا يدخلون في أجواف الأصنام ويخاطبونهم ويستجيرون بهم في الأماكن المخوفة ، ومن هذا {[57027]}تعس عبد الدينار وعبد الدرهم{[57028]} وعبد القطيفة ؛ ثم استأنفوا قولهم : { أكثرهم } أي الإنس { بهم } أي الجن { مؤمنون * } أي راسخون في الإشراك لا{[57029]} يقصدون بعبادتهم غيرهم ، وقليل منهم من يقصد بعبادته{[57030]} بتزيين الجن وغيرهم{[57031]} وهو غير راض بها ، فهي في الحقيقة لمن زينها لهم من الجن ، وهم مع ذلك يصدقون ما يرد عليهم من إخبارات الجن على ألسنة الكهان وغيرهم مع ما يرون فيها من الكذب في كثير من الأوقات .


[57017]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[57018]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[57019]:زيدمن ظ وم ومد.
[57020]:من م ومد، وفي الأصل وظ: الموصلة.
[57021]:زيد من ظ وم.
[57022]:سقط من ظ وم ومد.
[57023]:في مد: فيجانبه.
[57024]:زيد في الأصل: كل، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[57025]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: هو.
[57026]:زيد من ظ وم ومد.
[57027]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: نفس عبد الدرهم وعبد الدينار.
[57028]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: نفس عبد الدرهم وعبد الدينار.
[57029]:زيد من ظ وم ومد.
[57030]:في ظ: بعبادتهم.
[57031]:زيد من م ومد.