{ يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون( 56 ) كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون( 57 ) والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين( 58 ) الذي صبروا وعلى ربهم يتوكلون( 59 ) وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم( 60 ) }
{ يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون } .
نداء للمؤمنين أينما كانوا إذا أحسوا بالظلم أو الهوان أن يرغبوا في الهجرة إلى مكان آخر .
روي عن مقاتل والكلبي أن الآية نزلت في المستضعفين من المؤمنين بمكة ، أمروا بالهجرة عنها وعلى هذا أكثر المفسرين .
والعبرة هنا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فالآية تخلق في المؤمن حافزا إلى الهجرة ، وتحثه على التخلص من الأذى والضيق والهجرة إلى أرض الله الواسعة .
أخرج الإمام أحمد عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " البلاد بلاد الله والعباد عباد الله فحيثما أصبت خيرا فأقم " . 26
وقد هاجر المسلمون إلى الحبشة مرتين واستقبلهم أصحمة النجاشي استقبالا حسنا ، فأقاموا في بلاد الحبشة يعبدون الله تعالى .
ثم هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة ، وأقاموا بها دولة الإسلام ، وكانت الهجرة على المدينة فتحا مبينا ، وكانت الهجرة إلى المدينة واجبة قبل فتح مكة للقادر عليها فلما جاء نصر الله والفتح قال صلى الله عليه وسلم : " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا " . 27
قوله تعالى : { يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون } قال مقاتل والكلبي : نزلت في ضعفاء مسلمي مكة ، يقول : إن كنتم في ضيق بمكة من إظهار الإيمان فاخرجوا منها إلى أرض المدينة ، ( إن أرضي ) يعني المدينة واسعة آمنة . قال مجاهد : إن أرضي واسعة فهاجروا وجاهدوا فيها . وقال سعيد بن جبير : إذا عمل في الأرض بالمعاصي فاخرجوا منها فإن أرضي واسعة . وقال عطاء : إذا أمرتم بالمعاصي فاهربوا فإن أرضي واسعة . وكذلك يجب على كل من كان في بلد يعمل فيها بالمعاصي ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى حيث يتهيأ له العبادة . وقيل : نزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة بمكة ، وقالوا : نخشى ، إن هاجرنا ، من الجوع وضيق المعيشة ، فأنزل الله هذه الآية ولم يعذرهم بترك الخروج . وقال مطرف بن عبد الله : أرضي واسعة أي : رزقي لكم واسع فاخرجوا .
قوله تعالى : " يا عباديَ الذين آمنوا إن أرضي واسعة " هذه الآية نزلت في تحريض المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة - في قول مقاتل والكلبي - فأخبرهم الله تعالى بسعة أرضه ، وأن البقاء في بقعة على أذى الكفار ليس بصواب ، بل الصواب أن يتلمس عبادة الله في أرضه مع صالحي عباده ، أي إن كنتم في ضيق من إظهار الإيمان بها فهاجروا إلى المدينة فإنها واسعة ؛ لإظهار التوحيد بها . وقال ابن جبير وعطاء : إن الأرض التي فيها الظلم والمنكر تترتب فيها هذه الآية وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق وقاله مالك وقاله مجاهد : " إن أرضي واسعة " فهاجروا وجاهدوا ، وقال مطرف بن الشخير : المعنى إن رحمتي واسعة وعنه أيضا : إن رزقي لكم واسع فابتغوه في الأرض قال سفيان الثوري : إذا كنت بأرض غالية فانتقل إلى غيرها تملأ فيها جرابك خبزا بدرهم . وقيل : المعنى : إن أرضي التي هي أرضى الجنة الواسعة . " فاعبدون " حتى أورثكموها . " فاعبدون " " إياي " منصوب بفعل مضمر أي فاعبدوا إياي فاعبدون ، فاستغنى بأحد الفعلين عن الثاني والفاء في قوله : " فإياي " بمعنى الشرط أي إن ضاق بكم موضع فإياي فاعبدوني في غيره{[12419]} ؛ لأن أرضي واسعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.