جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ أَرۡضِي وَٰسِعَةٞ فَإِيَّـٰيَ فَٱعۡبُدُونِ} (56)

{ يَا عِبَادِيَ{[3929]} الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي{[3930]} وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } نصب فإياي بفعل يفسره ما بعده ، وهو جواب شرط محذوف ، أي : أرضي واسعة فإن لم تتمكنوا في إخلاص العبادة في أرض فاعبدوني في غيرها ولما حذف الشرط عوض عنه تقديم المفعول مع أن التقديم مفيد للاختصاص نزلت في ضعفة المسلمين الذين لم يستطيعوا الهجرة إلى المدينة ، أو في قوم خافوا من ضيق العيش ، وتخلفوا عن الهجرة


[3929]:ولما أبلغ في الإنذار وحذر من الذنوب الكبار لم يهمل الإشارة إلى الصغار وقال: {إن جهنم لمحيطة بالكافرين} وقد تكرر أن هذه المواعظ للمؤمنين خاطبهم لطفا وعناية وقال: {يا عابدي الذين آمنوا} /12 وجيز.
[3930]:فيه أنه يجب على كل من كان في بلد يعمل فيها بالمعاصي، ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى حيث يتهيأ له أن يعبد الله حق عبادته قال على القاري: وأما اليوم فإنا بحمد الله لم نجد أعوانا على قهر النفس وأجمع للقلب وأحث على القناعة وأطرد للشيطان وأبعد من الفتن وأربط للأمر الديني وأظهر له من مكة حرمها الله تعالى. أقول: لولا ما فيه الآن من استطالة أهل البدع على أهل السنة وإيثار التنظيمات السلطانية على الأحكام الرحمانية، وظلم أهل المكس على الحجاج، وعدم الانتصاف من أهل الاعتساف على العمل بالسنة والتمسك بالحق، والله يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. قال سهل: إذا ظهرت المعاصي والبدع في أرض فاخرجوا منها إلى أرض المطيعين قلت: وأنى لنا هذا اليوم ؟! لو عملنا أرضا طائعة على وجه البسيطة على حسب ما نطق به الكتاب والسنة أو ما ذهب إليه فقهاء الأمة لخرجنا إليه إن شاء الله تعالى، ولكن كم أمنية ضاعت فإنا لله وإنا إليه راجعون /12 فتح البيان.