المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ أَرۡضِي وَٰسِعَةٞ فَإِيَّـٰيَ فَٱعۡبُدُونِ} (56)

هذه الآيات نزلت في تحريض المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة ، فأخبرهم تعالى بسعة أرضه وأن البقاء في بقعة على أذى الكفار ليس بصواب ، بل الصواب أن تلتمس عبادة الله في أرضه ، وقال ابن جبير وعطاء ومجاهد : إن الأرض التي فيها الظلم والمنكر تترتب فيها هذه الآية وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق ، وقاله مالك ، وقال مطرف بن الشخير{[9270]} قوله { إن أرضي واسعة } عدة بسعة الرزق في جميع الأرض ، وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر «يا عباديَ » بفتح الياء ، وقرأ ابن عامر وحده «إن أرضيَ » بفتح الياء أيضاً ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي بسكونها ، وكذلك قرأ نافع وعاصم «أرضي » ساكنة ، وقوله تعالى : { فإياي } منصوب بفعل مقدر يدل عليه الظاهر تقديره { فإياي } اعبدوا { فاعبدون }{[9271]} على الاهتمام أيضاً في التقديم .


[9270]:مطرف بن عبد الله بن الشخير، العامري، الحرشي، أبو عبد الله البصري، قال عنه الحافظ بن حجر في التقريب: ثقة عابد فاضل من الثانية، مات سنة خمس وسبعين.
[9271]:هو من باب الاشتغال ، وعلى ذلك فالتقدير: فاعبدوا إياي فاعبدون.