تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (21)

15

ثم بين أن عذاب الآخرة له مقدمات في الدنيا لأن الذنب مستوجب لنتائجه عاجلا وآجلا فقال سبحانه :

{ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون }

المفردات :

العذاب الأدنى : الأقرب والأقل وهو عذاب الدنيا مثل : القحط والأسر والقتل .

دون العذاب الأكبر : قبل عذاب الآخرة .

التفسير :

ولنبتليهم بمصائب الدنيا وأسقامها وآفاتها من المجاعات والقتل والأسر ونحو ذلك عظة لهم ليقلعوا عن ذنوبهم قبل العذاب الأكبر وهو عذاب يوم القيامة .

جاء في تفسير القرطبي :

قال الحسن وأبو العالية : والضحاك وأبي بن كعب وإبراهيم النخعي : العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها مما يبتلى به العبيد حتى يتوبوا .

وقال ابن مسعود والحسين بن علي وعبد الله بن الحارث : هو القتل بالسيف يوم بدر .

وقال مقاتل ومجاهد : الجوع سبع سنين بمكة ، حتى أكلوا الجيف ولا خلاف أن العذاب الأكبر عذاب جهنم أه .

وقال القاسمي :

{ ولنذيقنهم } أي أهل مكة من العذاب الأدنى أي : عذاب الدنيا والجدب والقتل والأسر .

{ دون العذاب الأكبر . . . } يعني عذاب الآخرة .

{ لعلهم يرجعون } أي : يتوبون عن الكفر ويرجعون إلى الله عند تصفية فطرتهم بشدة العذاب الأدنى أه .

وقال النيسابوري : ولم يقل : الأصغر في مقابلة الأكبر أو الأبعد في مقابلة الأدنى لأن المقصود هنا هو التخويف والتهديد وذلك إنما يحصل بالقرب لا بالصغر وبالكبر لا بالبعد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (21)

ولما كان المؤمنون الآن يتمنون إصابتهم بشيء{[54816]} من الهوان في هذه الدار ، لأن نفوس البشر مطبوعة على العجلة ، بشرهم بذلك على وجه يشمل{[54817]} عذاب القبر ، فقال مؤكداً له{[54818]} لما عندهم من الإنكار لعذاب ما بعد الموت وللإصابة{[54819]} في الدنيا بما لهم من الكثرة والقوة : { ولنذيقنهم } أي أجمعين بالمباشرة والتسبيب{[54820]} ، بما لنا من العظمة التي تتلاشى عندها{[54821]} كثرتهم وقوتهم { من العذاب الأدنى } أي قبل يوم القيامة ، بأيديكم وغيرها ، وقد صدق الله قوله ، وقد كانوا عند نزول هذه السورة بمكة المشرفة في غاية الكثرة والنعمة ، فأذاقهم الجدب سنين متوالية ، وفرق شملهم وقتلهم وأسرهم بأيدي المؤمنين إلى غير ذلك بما أراد سبحانه ؛ ثم أكد الإرادة لما قبل الآخرة وحققها بقوله ، معبراً بما يصلح للغيرية{[54822]} والسفول : { دون العذاب الأكبر } أي الذي مر ذكره في الآخرة { لعلهم يرجعون* } أي ليكون حالهم حال من يرجى رجوعه عن فسقه عند من ينظره ، وقد كان ذلك ، رجع كثير{[54823]} منهم خوفاً من السيف ، فلما رأوا محاسن الإسلام كانوا من أشد الناس {[54824]}فيه رغبة{[54825]} وله حباً .


[54816]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لشيء.
[54817]:في ظ: شمل.
[54818]:زيد من ظ وم ومد.
[54819]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الإصابة.
[54820]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: التسبب.
[54821]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: عندهما.
[54822]:من م ومد، وفي الأصل وظ: للغيرة.
[54823]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: كثيرا.
[54824]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: رغبة فيه.
[54825]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: رغبة فيه.