خسر : هلاك ، لسوء تصرفه وكثرة آثامه .
أي : جنس الإنسان خاسر خسرانا مبينا ، عندما يشتري الدنيا ويبيع الآخرة ، عندما يفقد صلته بربه وإيمانه ، واعتماده على تلك القوى الكبيرة ، عندما يأخذه الغرور ويصير من الملحدين ، أو من عبيد العلم ، أو عبيد المادة الذين هجروا الإيمان بالله واليوم الآخر .
قال تعالى : وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون* يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون . ( الروم : 6 ، 7 ) .
وقيل : إن المراد بالإنسان إنسان معين من رؤوس الكفر .
أراد بالإنسان جماعة من المشركين كالوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب .
والأصح أن المراد بالإنسان هنا أنه اسم جنس ، يشمل جميع الناس ، أي أن من طبيعة الإنسان أن يكون في خسران ، لإقباله على الدنيا ، وإعراضه عن الإيمان والعمل للآخرة ، لأنه يرى الدنيا ويهرجها فيدخل في دوّامتها وينسى الآخرة ودوام ما فيها .
كما قال سبحانه وتعالى : بل تؤثرون الحياة الدنيا* والآخرة خير وأبقى . ( الأعلى : 16 ، 17 ) .
{ إن الإنسان } أي هذا النوع الذي هو أشرف الأنواع ، لكونه في أحسن تقويم ، كما أن العصر خلاصة الزمان ، والعصر يكون لاستخراج خلاصات الأشياء { لفي خسر * } أي نقص بحسب مساعيهم في أهوائهم ، وصرف أعصارهم في أغراضهم ، لما لهم بالطبع من الميل إلى الحاضر ، والإعراض عن الغائب ، والاغترار بالفاني ، أعم من أن يكون الخسر قليلاً أو جليلاً بحسب تنوع الناس إلى أكياس وأرجاس ، فمن كان كافراً كان في كفران ، ومن كان مؤمناً عاصياً كان في خسران إن كان بالغاً في المعصية ، وإلا كان في مطلق الخسر ، وهو مدلول المصدر المجرد ، وفي هذا إشارة إلى العلم بالاحتياج إلى إرسال الرسل لبيان المرضي لله من الاعتقادات والعبادات والعادات إيماناً وإسلاماً ، وإدامة لذلك ، ليكون فاعله من قبضة اليمين ، وتاركه من أصحاب الشمال .
وقال الأستاذ أبو جعفر ابن الزبير : لما قال تعالى : { ألهاكم التكاثر } وتضمن ذلك الإشارة إلى قصور نظر الإنسان ، وحصر إدراكه في العاجل دون الآجل الذي فيه فوزه وفلاحه ، وذلك لبعده عن العلم بموجب الطبع { إنه كان ظلوماً جهولاً }[ الأحزاب : 72 ] أخبر سبحانه أن ذلك شأن الإنسان بما هو إنسان ، فقال { والعصر إن الإنسان لفي خسر } فالقصور شأنه ، والظلم طبعه ، والجهل جبلته ، فيحق أن يلهيه التكاثر ، ولا يدخل الله عليه روح الإيمان { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } إلى آخرها ، فهؤلاء الذين { لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله }[ النور : 37 ] انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.