{ ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ( 60 ) وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون ( 61 ) }
كذبوا على الله : وصفوه بما لا يليق ، مثل من ادعى أن له شريكا ، أو أن للأصنام شفاعة عند الله .
وجوههم مسودة : حقيقة ، أو لما يعلوها من كآبة .
60-{ ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين } .
تصف هذه الآية مشهد الكافرين في القيامة ، هؤلاء الذين ادّعوا أن لله شركاء وصاحبة وولدا ، فتراهم في حالة من الهلع والجزع والكآبة والحزن ، وسوادُ الوجوه إمّا أن يكون حسّيا مشاهدا أمام الناس ، حيث يراهم الناس في حالة من القتام والسواد ، ويجوز أن يكون السواد من باب المجاز لما يعلو وجوههم من الهم والحزن والخوف من غضب الله ونقمته .
{ أليس في جهنم مثوى للمتكبرين } .
أي : إن في جهنم مكانا وإقامة ومقرّا للمتكبرين ، الذي جاءتهم آيات الله ورسالاته فكذبوا بها ، واستكبروا عن إتباعها والانقياد لها ، وكان في مكة فريق من الأغنياء والكبراء يحتقرون الفقراء ، ويأنفون من الانضمام إلى دعوة الإسلام ، فهددهم القرآن بسوء المصير ، ووضع أمامهم المصير الأسود ، والإقامة المستمرة في عذاب جهنم .
قوله تعالى : " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة " أي مما حاط بهم من غضب الله ونقمته . وقال الأخفش : " ترى " غير عامل في قوله : " وجوههم مسودة " إنما هو ابتداء وخبر . الزمخشري : جملة في موضع الحال إن كان " ترى " من رؤية البصر ، ومفعول ثان إن كان من رؤية القلب . " أليس في جهنم مثوى للمتكبرين " بين رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى الكبر فقال عليه السلام : ( سفه الحق وغمص الناس ) أي احتقارهم . وقد مضى في " البقرة " {[13332]} وغيرها . وفي حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يحشر المتكبرون يوم القيامة كالذر يلحقهم الصغار حتى يؤتى بهم إلى سجن جهنم ) .
ولما كان قد تعمد الكذب عند مس العذاب في عدم البيان والوقت القابل ، قال تعالى محذراً من حاله وحال أمثاله ، ولفت القول إلى من لا يفهمه حق فهمه غيره تسلية له وزيادة في التخويف لغيره : { ويوم القيامة } أي الذي لا يصح في الحكمة تركه { ترى } أي يا محسن { الذين كذبوا } وزاد في تقبيح حالهم في اجترائهم بلفت القول إلى الاسم الأعظم فقال : { على الله } أي الحائز لجميع صفات الكمال بأن وصفوه بما لا يليق به وهو منزه عنه من أنه فعل ما لا يليق بالحكمة من التكليف مع عدم البيان ، ومن خلق الخلق يعدو بعضكم على بعض من غير حساب يقع فيه الإنصاف بين الظالم والمظلوم ، أو ادعوا له شريكاً أو نحو ذلك ، قال ابن الجوزي : وقال الحسن : هم الذين يقولون : إن شئنا فعلنا ، وإن شئنا لم نفعل - انتهى ، وكأنه عنى المعتزلة الذين اعتزلوا مجلسه وابتدعوا قولهم : إنهم يخلقون أفعالهم ، ويدخل فيه كل من تكلم في الدين بجهل ، وكل من كذب وهو يعلم أنه كاذب في أيّ شيء كان ، فإنه من حيث إن فعله فعل من يظن أن الله لا يعلم كذبه أو لا يقدر على جزائه كأنه كذب على الله - تراهم بالعين حال كونهم { وجوههم مسودة } مبتدأ وخبر ، وهو حال الموصول أي ثابت سوادها زائد البشاعة والمعظم في الشناعة بجعل ذلك أمارة عليهم ليعرفهم من يراهم بما كذبوا في الدنيا فإنهم لم يستحيوا من الكذب المخزي ، أليس ذلك زاجراً عن مطلق الكذب فكيف بالكذب على الله الذي جهنم سجنه فكيف بالمتكبرين عليه { أليس في جهنم } أي التي تلقى فيها بالتجهم والعبوسة { مثوى } أي منزل { للمتكبرين * } الذي تكبروا على اتباع أمر الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.