تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (59)

{ يأيها النبيء قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما( 59 ) }

المفردات :

جلابيبهن : الجلابيب جمع جلباب وهو ثوب واسع يغطي جميع الجسم كالملاءة والملحفة والعباءة يتخذنه إذا خرجن لداعية من الدواعي .

أدنى : أقرب .

أن يعرفن : أن يتميزن عن الإماء والقينات اللاتي هن موضع التعرض للإيذاء من أهل الريبة .

فلا يؤذين : أي فلا يؤذين من أهل الريبة بالتعرض لهن بالكلمات الجارحة .

التفسير :

{ يأيها النبيء قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهم من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } .

تفيد كتب التفسير وأسباب النزول أن المسلمات في المدينة كن يخرجن لقضاء حاجتهن في الفضاء أو بين النخيل بعيدا عن البيوت قبل اتخاذ الكنف في البيوت وكان الفساق يتبعون النساء فإذا صرخت المرأة من غزلهن ومتابعتهن علموا أنها حرة فتركوها وشكت النساء على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية .

المعنى : أيها الرسول قل لزوجاتكم أمهات المؤمنين وبناتك الطاهرات ونساء المؤمنين يسدلن عليهن جلابيبهن إذا خرجن لقضاء حاجة ، حتى يعرفهن الرجال فلا يطمع فيهن الفساق ولا تؤذى إحداهن بكلمة جارحة ، أو مراودة على الزنا .

{ وكان الله غفورا رحيما } .

فيغفر ما سلف منهن من التفريط في ليس الجلباب الساتر للجسم كله حيث كانت النساء فيس الجاهلية وصدر الإسلام يخرجن لقضاء حاجتهن غير محتشمات فأمر الله النساء بالاحتشام وإسدال الثوب الخارجي الذي ي ستر الجسم فيعلم الناس أن هذه امرأة حرة ملتزمة فيبتعدون عن إيذائها بكلمة تجرح حياءها أو مراودتها عن نفسها .

تعليق :

الآن نشتكي كثيرا من حوادث اختطاف البنات واغتصابهن حتى شددت مصر العقوبة على الاغتصاب وجعلت عقوبته الإعدام وتنادي الغيورين على الدين بوجوب التستر والاحتشام وقدم الناس دعوة للآباء والأمهات بمراقبة زي بناتهن ليكون مناسبا ساترا للجسم وأقول لكل مسلمة عودي إلى دينك وتراثك وقرآنك وتمسكي بالزي الإسلامي الذي يدعو إلى ستر جميع المرأة ما عدا الوجه والكفين وهذا التستر يضمن لك التصون والعفاف ويحميك من النظرات الجائعة والعيون الآثمة والكلمات الجارحة ، ويضمن لك ثواب الله ورضوانه وسعادة الدنيا والآخرة .

أما صيحات الأزياء واستعراض الأزياء فليس وراءها إلا إرضاء الشيطان وإغضاب الرحمان ، وإذا كسبت المرأة الشارع والمعجبين وخسرت الزوج والأسرة والذرية فما أشد ضياعها ، إن سوق الزواج أصبحت راكدة ، ونسبة الطلاق زادت على 33% وهي أعلى من ذلك بين الشباب ومن الخير أن نلتزم بأحكام الإسلام وآدابه في التربية وفي الزي وفي المنزل وفي العمل وفي المجتمع وبذلك نحافظ على بناتنا ونحافظ على شبابنا وعلى مجتمعنا وعلى أمتنا والله ولي التوفيق .

في أعقاب الآية

1- في الطبقات الكبرى لابن سعد أن أحمد بت عيسى من فقهاء الشافعية استنبط من هذه الآية أن ما فعله العلماء والسادات من تغيير لباسهم وعمائمهم أمر حسن وإن لم يفعله السلف لأن فيه تمييزا لهم حتى يعرفوا فيعمل بأقوالهم .

2- فسر عدد من المفسرين إدناء الجلباب بأنه دعوة على لزوم تغطية وجه المرأة .

وأورد ذلك الطبري وابن الجوزي وابن كثير وأبو حيان وأبو السعود والجصاص الرازي ورأوا تغطية الوجوه والأبدان والشعور عن الأجانب أو عند الخروج لحاجة .

3- الأستاذ عبد الحليم أبو شقة قدم كتابا من عدة أجزاء عن " معالم شخصية المرأة المسلمة " اعتمد فيه على القرآن الكريم والسنة الصحيحة وقرر مشروعية سفور وجه المرأة وظهور يديها ومشروعية مشاركتها في الحياة الاجتماعية بحضور الرجال مع رعاية الضوابط الشرعية .

4- الأدلة الشرعية في القرآن والسنة وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة وأصول الفقه توضح أن جسم المرأة عورة ، ما عدا وجهها وكفيها وعند بعض الفقهاء وقدميها ونحن نبارك ذلك امتدادا لقوله تعالى : { وما جعل عليكم في الدين من حرج . . . } ( الحج : 78 ) .

وندعو المسلمين إلى الالتزام بروح الدين وهديه بعيدا عن تيارين :

الأول : التشدد والتزمت .

الثاني : الإباحية والخروج على أوامر الله .

أما الطريق الثالث الذي ندعو غليه فهو التوسط والاعتدال والاقتداء بروح القرآن وروح السنة المطهرة ، وأقوال الفقهاء وروح الإسلام العامة ، وهي الوسطية المعتدلة التي تراعي أوامر الشرع من جهة ، ومصالح العباد المشروعة من جهة أخرى .

قال تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } . ( البقرة : 143 ) .

وقال صلى الله عليه وسلم : " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " . 70

وقال الله تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } . ( البقرة : 185 ) .

***

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (59)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} يعني القناع فوق الخمار {ذلك أدنى} يعني أجدر {أن يعرفن} في زيهن أنهن لسن بمريبات، وأنهن عفائف، فلا يطمع فيهن أحد.

{فلا يؤذين}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها النبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين، لا يتشبهن بالإماء في لباسهنّ إذا هن خرجن من بيوتهنّ لحاجتهنّ، فكشفن شعورهنّ ووجوههنّ، ولكن ليدنين عليهنّ من جلابيبهنّ، لئلا يعرض لهنّ فاسق، إذا علم أنهنّ حرائر بأذى من قول.

ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهنّ الله به؛

فقال بعضهم: هو أن يغطين وجوههنّ ورؤوسهنّ، فلا يبدين منهنّ إلا عينا واحدة... وقال آخرون: بل أمرن أن يشددن جلابيبهنّ على جباههنّ...

عن ابن عباس، قوله:"يا أيّها النّبِيّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِنْ جَلابِيبِهِنّ" إلى قوله: "وكانَ اللّهُ غَفُورا رَحِيما "قال: كانت الحرّة تلبس لباس الأمة، فأمر الله نساء المؤمنين أن يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ وإدناء الجلباب: أن تقنع وتشدّ على جبينها...

عن مجاهد، قوله: "يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِنْ جَلابِيبِهِنّ": يتجلببن فيُعلم أنهنّ حرائر فلا يعرض لهنّ فاسق بأذى من قول ولا ريبة...

وقوله: "ذلكَ أدْنَى أنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ" يقول تعالى ذكره: إدناؤهنّ جلابيبهنّ إذا أدنينها عليهنّ أقرب وأحرى أن يعرفن ممن مررن به، ويعلموا أنهنّ لسن بإماء، فيتنكّبوا عن أذاهنّ بقول مكروه، أو تعرّض بريبة.

"وكانَ اللّهُ غَفُورا" لما سلف منهنّ من تركهنّ إدناءهنّ الجلابيب عليهنّ "رَحِيما" بهنّ أن يعاقبهنّ بعد توبتهنّ بإدناء الجلابيب عليهنّ.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الجلباب: ثوب واسع أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقى منه ما ترسله على صدرها. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الرداء الذي يستر من فوق إلى أسفل. وقيل: الملحفة وكل ما يستتر به من كساء أو غيره.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

لما كانت عادة العربيات التبذل في معنى الحجبة، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكر فيهن، أمر الله تعالى رسوله عليه السلام بأمرهن بإدناء الجلابيب، ليقع سترهن ويبين الفرق بين الحرائر والإماء، فيعرف الحرائر بسترهن فكيف عن معارضتهن من كان غزلاً أو شاباً.

وباقي الآية ترجية ولطف وحظ على التوبة وتطميع في رحمة الله تعالى، وفيها تأنيس للنساء في ترك الجلابيب قبل هذا الأمر المشروع.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

لما ذكر أن من يؤذي المؤمنين يحتمل بهتانا، وكان فيه منع المكلف عن إيذاء المؤمن، أمر المؤمن باجتناب المواضع التي فيها التهم الموجبة للتأذي لئلا يحصل الإيذاء الممنوع منه.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

أمر الله سبحانه جميع النساء بالستر، أو ذلك لا يكون إلا بما لا يصف جلدها، إلا إذا كانت مع زوجها فلها أن تلبس ما شاءت؛ لأن له أن يستمتع بها كيف شاء...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يا أيها النبي} فذكره بالوصف الذي هو منبع المعرفة والحكمة، لأن السياق لحكمة يذب بها عن الحريم لئلا يشتغل فكره صلى الله عليه وسلم بما يحصل لهن من الأذى عن تلقي شيء من الواردات الربانية، {قل لأزواجك} بدأ بهن لما لهن به من الوصلة بالنكاح، {وبناتك} ثنى بهن لما لهن به من الوصلة ولهن في أنفسهن من الشرف، وأخرهن عن الأزواج لأن أزواجه يكفونه أمرهن، ولما رقاهم سبحانه بهذا الأمر في حضرات الرضوان، خافوا عاقبة ما كانوا فيه من الغلط بالتشبه بالإماء، فأخبرهم سبحانه أنه في محل الجود والإحسان، فقال: {وكان الله} أي الذي له الكمال المطلق، أزلاً وأبداً {غفوراً} أي محاء للذنوب عيناً وأثراً {رحيماً} مكرماً لمن يقبل عليه ويمتثل أوامره ويحتنب مناهيه.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

والإدناء: التقريب يقال أدناني أي قربني، وضمن معنى الإرخاء أو السدل، ولذا عدي بعلى على ما يظهر لي، ولعل نكتة التضمين الإشارة إلى أن المطلوب تستر يتأتى معه رؤية الطريق إذا مشين فتأمل.

وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: رحم الله تعالى نساء الأنصار لما نزلت {مُّبِيناً يأَيُّهَا النبي قُل لأزواجك وبناتك} الآية، شققن مروطهن فاعتجرن بها فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسهن الغربان. قال السبكي في طبقاته: إن أحمد بن عيسى من فقهاء الشافعية استنبط من هذه الآية أن ما يفعله العلماء والسادات من تغيير لباسهم وعمائمهم أمر حسن وإن لم يفعله السلف؛ لأن فيه تمييزاً لهم حتى يعرفوا فيعمل بأقوالهم، وهو استنباط لطيف.

{رَّحِيماً}... قيل: رحيماً بهن بعد التوبة عن الاخلال بالتستر بعد نزول الآية، وقبل.

رحيماً بعباده حيث راعى سبحانه في مصالحهم أمثال هذه الجزئيات.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

هذه الآية التي تسمى آية الحجاب، فأمر اللّه نبيه أن يأمر النساء عمومًا، ويبدأ بزوجاته وبناته لأنهن آكد من غيرهن، ولأن الآمر [لغيره] ينبغي أن يبدأ بأهله، قبل غيرهم كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم أمر الله نبيه [صلى الله عليه وسلم] أن يأمر نساءه وبناته ونساء المؤمنين عامة -إذا خرجن لحاجتهن أن يغطين أجسامهن ورؤوسهن وجيوبهن- وهي فتحة الصدر من الثوب -بجلباب كاس. فيميزهن هذا الزي، ويجعلهن في مأمن من معابثة الفساق. فإن معرفتهن وحشمتهن معا تلقيان الخجل والتحرج في نفوس الذين كانوا يتتبعون النساء لمعابثتهن: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن. ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين. وكان الله غفورا رحيما)..

قال السدي في هذه الآية: كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طريق المدينة فيعرضون للنساء. وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطريق يقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن. فإذا رأوا المرأة عليها جلباب. قالوا: هذه حرة. فكفوا عنها. وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا: هذه أمة فوثبوا عليها..

وقال مجاهد: يتجلببن فيعلم أنهن حرائر، فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة. وقوله تعالى: (وكان الله غفورا رحيما) أي لما سلف في أيام الجاهلية حيث لم يكن عندهن علم بذلك.

ومن ذلك نرى الجهد المستمر في تطهير البيئة العربية، والتوجيه المطرد لإزالة كل أسباب الفتنة والفوضى، وحصرها في أضيق نطاق، ريثما تسيطر التقاليد الإسلامية على الجماعة كلها وتحكمها.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أتبع النهي عن أذى المؤمنات بأن أمرن باتقاء أسباب الأذى، لأن من شأن المطالب السعي في تذليل وسائلها...

وهذا يرجع إلى قاعدة التعاون على إقامة المصالح وإماتة المفاسد...

وابتدئ بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته لأنهن أكمل النساء، فذكرهن من ذكر بعض أفراد العام للاهتمام به.

والنساء: اسم جمع للمرأة لا مفرد له من لفظه، وقد تقدم آنفاً عند قوله تعالى: {ولا نسائهن} [الأحزاب: 55]. فليس المراد بالنساء هنا أزواج المؤمنين بل المراد الإِناث المؤمنات، وإضافته إلى المؤمنين على معنى (من) أي النساء من المؤمنين.

والجلابيب: جمع جلباب وهو ثوب أصغر من الرداء وأكبر من الخمار والقِناع، تضعه المرأة على رأسها فيتدلى جانباه على عذارَيْها وينسدل سائره على كتفها وظهرها، تلبسه عند الخروج والسفر.

وهيئات لبس الجلابيب مختلفة باختلاف أحوال النساء تبينها العادات. والمقصود هو ما دل عليه قوله تعالى: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}.

والإِدناء: التقريب، وهو كناية عن اللبس والوضع، أي يضعن عليهن جلابيبهن...

وكان لبس الجلباب من شعار الحرائر، فكانت الإِماء لا يلبسن الجلابيب. وكانت الحرائر يلبسن الجلابيب عند الخروج إلى الزيارات ونحوها، فكُنَّ لا يلبسْنَها في الليل وعند الخروج إلى المناصع، وما كنّ يخرجن إليها إلا ليلاً فأمرن بلبس الجلابيب في كل خروج ليعرف أنهن حرائر، فلا يتعرض إليهن شباب الدُّعّار يحسبهن إماء أو يتعرض إليهن المنافقون استخفافاً بهن بالأقوال التي تخجلهن فيتأذيْنَ من ذلك، وربما يسببْن الذين يؤذونهن فيحصل أذى من الجانبين. فهذا من سدّ الذريعة.

والإِشارة ب {ذلك} إلى الإدناء المفهوم من {يدنين}، أي ذلك اللباس أقرب إلى أن يُعرف أنهن حرائر بشعار الحرائر فيتجنب الرجال إيذاءهن فيسلموا وتسلمن...

والتذييل بقوله: {وكان الله غفوراً رحيماً} صفح عما سبق من أذى الحرائر قبل تنبيه الناس إلى هذا الأدب الإِسلامي، والتذييل يقتضي انتهاء الغرض.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

وشرط في لباس المرأة الشرعي ألا يكون كاشفا ولا واصفا ولا ملفتا للنظر، لأن من النساء من ترتدي الجلباب الطويل السابغ الذي لا يكشف شيئا من جسمها، إلا أنه ضيق يصف الصدر ويصف الأرداف، ويجسم المفاتن، حتى تبدو وكأنها عارية.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (59)

{ يا أيها النبي قل لأزواجك } الآية كان قوم من الزناة يتبعون النساء إذا خرجن ليلا ولم يكونوا يطلبون إلا الإماء ولم يكن يومئذ تعرف الحرة من الأمة لأن زيهن كان واحدا إنما يخرجن في درع وخمار فنهى الله سبحانه الحرائر أن يتشبهن بالإماء وأنزل قوله تعالى { يدنين عليهن من جلابيبهن } أي يرخين أرديتهن وملاحفهن ليعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن وهو قوله { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا } لما سلف من ترك الستر { رحيما } بهن إذ يسترهن