بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (59)

قوله عز وجل : { يا أَيُّهَا النبي قُل لأزواجك وبناتك } وذلك أن المهاجرين نزلوا في ديار الأنصار ، فضاقت الدور عليهم . وكن النساء يخرجن بالليل إلى التخلي يقضين حوائجهن . كان الزناة يرصدون في الطريق المؤمنات ، وكانوا يطلبون الولائد ، ولم يعرفوا المرأة الحرة من الأمة بالليل . فأمر الحرائر بأخذ الجلباب . وقال الحسن : كن النساء والإماء بالمدينة . يقال لهن : كذا وكذا يخرجن ، فيتعرض لهن السفهاء فيؤذونهن ، فكانت الحرة تخرج فيحسبون أنها أمة ويؤذونها ، فأمر الله تعالى المؤمنات { أن يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن } . وقال القتبي : يلبسن الأردية . ويقال : يعني يرخين الجلابيب على وجوههن . وقال مجاهد : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن } يعني : متجلببين ليعلم أنهن حرائر ، فلا يتعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة . { ذلك أدنى } يعني : أحرى { فَلاَ يُؤْذَيْنَ } { وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً } إذا تابوا ورجعوا .