ثم نهى الحرائر أن يتشبهن بالإِماء فقال - عز وجل - { يا أيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ } .
فإن قيل : البهتان{[43947]} هو الزور ، وهو لا يكون إلا في القول ، والإيذاء قد يكون بغير القول ، فمن آذى مؤمناً بالضرب أو أخذ ماله لا يكون قد احتمل{[43948]} بهتاناً ؟ .
فالجواب : أن المراد : والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بالقول لأن الله تعالى أراد إظهار شرف المؤمنين لأنه لما ذكر أن من آذى الله ورسوله لعن ، وإيذاء الله أن ينكر وجوده أو يشرك به من لا يبصر لا يسمع وذلك قول فذكر إيذاء المؤمنين بالقول وعلى هذا خص إيذاء القول بالذكر لأنه أعم ؛ لأنه الإنسان لا يقدر أن يؤذي الله بما يؤلمه من ضرب أو أخذ مال ويؤذيه بالقول وكذا الغائب لا يمكن إيذاؤه بالفعل ويمكن إيذاؤه بالقول بأن يقول فيه ما يصل إليه فيتأذى ، ووجه آخر في الجواب بأن يقال : قوله بعد ذلك : وإثْماً مُبِيناً ، كأنه استدرك فكان قوله احتمل بهتاناً إن كان بالقول ، وَإِثْماً مبيناً ما كان الإيذاء{[43949]} .
قوله : «يُدْنِينَ » كقوله { قُل لِعِبَادِيَ الذين آمَنُوا يُقِيمُوا{[43950]} } و «مِنْ » للتَّبْعِيض ، و «الجَلاَبِيبُ » جمع «الجِلْبَابِ » وهو المَلاَءَةُ التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار ، قال ابن عباس و ( أبو ){[43951]} عبيدة من نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوههنّ بالجلابيب إلا عيناً واحدة ليعلم أنهن حرائر{[43952]} . وقوله : { ذلك أدنى } أي إدناء الجلابيب أقْرَبُ إلى عِرْفَانِهِنَّ{[43953]} أي أدنى أن يعرفن أنهن حرائر{[43954]} «فَلاَ يُؤْذَيْنَ » لا يتعرض لهن ، ويمكن أن يقال : المراد يعرفن أنهن لا يَزْنينَ لأن من تستر وجهها مع أنه ليس بعورة لا يطمع فيها أنها تكشف عورتها فيُعْرَفْنَ أنهنَّ مستوراتٌ لا يمكن طلب الزنا منهن{[43955]} . { وَكَانَ الله غَفُوراً رَحِيماً } قال أنس : مرت بعمر بن الخطاب جارية مقنَّعة فعلاها بالدرَّة ، وقال : يا لَكَاعِ أتتشبّهين بالحَرَائِرِ أَلْقِي القِنَاعَ{[43956]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.