تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{۞تُرۡجِي مَن تَشَآءُ مِنۡهُنَّ وَتُـٔۡوِيٓ إِلَيۡكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ ٱبۡتَغَيۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكَۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن تَقَرَّ أَعۡيُنُهُنَّ وَلَا يَحۡزَنَّ وَيَرۡضَيۡنَ بِمَآ ءَاتَيۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمٗا} (51)

50

{ ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما ءاتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما } .

المفردات :

ترجى : تؤخر من الإرجاء وهو التأخير .

تؤوى : تضم وتضاجع .

ومن ابتغيت ممن عزلت : ومن طلبته ممن تحيته وأبعدته .

فلا جناح عليك : فلا إثم عليك في طلبها وضمها إليك .

أن تقر أعينهن : تبرد سرورا .

التفسير :

تأتي هذه الآية في استمرار التيسير على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث خصه الله ببعض الخصائص تمييزا له ورعاية لجنابه ولما يقوم به من أمر الدعوة الإسلامية وتأليف القبائل ورعاية شؤون نسائه التسع فأباح سبحانه له أن يطلق من يشاء منهن وأن يبقى معه من يشاء منهن والإرجاء التأخير والإبعاد ومع هذا فلم يطلق النبي صلى الله عليه وسلم أيا من زوجاته .

وقيل المعنى وضعنا عنك التسوية بينهن في المبيت فلك أن تبعد وتؤخر من تشاء منهن في المبيت معها وتؤوي وتقرب من تشاء منهن في المبيت معها وإذا أبعدت واحدة منهن عن المبيت معها ثم رغبت فيها بعد عزلها وإبعادها فلا جناح عليك ولا إثم ولا حرج في ذلك ومع هذا التيسير الإلهي من الله عز وجل فقد كان صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه ويعدل .

روى الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول : " اللهم هذا فعلى فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " . 55

وقال بعض المفسرين الإرجاء والإيواء لإطلاقهما في الآية يتناولان ما في التفسيرين من التخيير في القسم والطلاق .

وأفاد صاحب الكشاف أن الآية متضمنة قسمة جامعة لما هو الفرض لأنه صلى الله عليه وسلم إما أن يطلق وإما أن يمسك وإذا أمسك ضاجع أو ترك ، وقسم أو لم يقسم وإذا طلق وعزل فإما أن يخلى المعزولة لا يبتغيها أو يبتغيها أه .

{ ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما ءاتيتهن كلهن . . . } .

هذا التخيير لك أيها الرسول من شأنه أن يقر عين أزواجك ويرضيهن ويذهب الحزن عنهن لأنهن إذا علمن أن الله لم يفرض عليك العدل في القسمة بينهن وأباح لك تطليق بعضهن وإيواء بعضهن ثم تفضلت أنت بالعدل في القسمة بينهن والإبقاء عليهن وعدم تطليق بعضهن فرحن بنصيبهن منك لأنه تفضل منك وكرم وعطية .

{ والله يعلم ما في قلوبكم . . . } .

من الرغبة في المخالطة ، والميل إلى بعض الزوجات دون بعض وإنما خير الله رسوله تيسيرا عليه وتخفيفا لما له من مهام متعددة لا يقدر عليها عظماء الرجال ولو كانوا في القوة والتحمل كالجبال .

{ وكان الله عليما . . . } بذات الصدور مطلعا يعلم السر وما هو أخفى من السر ، { حليما } . ذا حلم على عباده فيعفوا ويغفر .

/خ52

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{۞تُرۡجِي مَن تَشَآءُ مِنۡهُنَّ وَتُـٔۡوِيٓ إِلَيۡكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ ٱبۡتَغَيۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكَۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن تَقَرَّ أَعۡيُنُهُنَّ وَلَا يَحۡزَنَّ وَيَرۡضَيۡنَ بِمَآ ءَاتَيۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمٗا} (51)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنّ وَتُؤْوي إلَيْكَ مَنْ تَشاءُ"؛ فقال بعضهم: عنى بقوله: ترجي: تؤخّر، وبقوله: تؤْوي: تضمّ... عن مجاهد، قوله: "تُرْجي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنّ "قال: تعزل بغير طلاق من أزواجك من تشاء، "وَتُؤْوِي إلَيْكَ مَنْ تَشاءُ" قال: تردّها إليك...

وقال آخرون: معنى ذلك: تطلق وتخلي سبيل من شئت من نسائك، وتمسك من شئت منهنّ فلا تطلق...

وقال آخرون: بل معنى ذلك: تترك نكاح من شئت، وتنكح من شئت من نساء أمتك... وقيل: إن ذلك إنما جعل الله لنبيه حين غار بعضهنّ على النبيّ صلى الله عليه وسلم، وطلب بعضهنّ من النفقة زيادة على الذي كان يعطيها، فأمره الله أن يخيرهنّ بين الدار الدنيا والآخرة، وأن يخلي سبيل من اختار الحياة الدنيا وزينتها، ويمسك من اختار الله ورسوله، فلما اخترن الله ورسوله قيل لهنّ: اقررن الآن على الرضا بالله وبرسوله، قَسَم لكنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لم يقسم، أو قسم لبعضكنّ، ولم يقسم لبعضكنّ، وفضل بعضكنّ على بعض في النفقة، أو لم يفضل، سوّى بينكنّ، أو لم يسوّ، فإن الأمر في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس لكم من ذلك شيء. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذُكر مع ما جعل الله له من ذلك، يسوّي بينهنّ في القَسم، إلا امرأة منهنّ أراد طلاقها، فرضيت بترك القسم لها...

قال: "وَمَنِ ابْتَغَيْتَ ممن عزلت": من ابتغى أصابه، ومن عزل لم يصبه، فخيرهنّ بين أن يرضين بهذا، أو يفارقهنّ، فاخترن الله ورسوله، إلا امرأة واحدة بدوية ذهبت. وكان على ذلك صلوات الله عليه، وقد شرط الله له هذا الشرط، ما زال يعدل بينهنّ حتى لقي الله.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره جعل لنبيه أن يرجي من النساء اللواتي أحلهنّ له من يشاء، ويُؤوي إليه منهنّ من يشاء، وذلك أنه لم يحصر معنى الإرجاء والإيواء على المنكوحات اللواتي كنّ في حباله، عندما نزلت هذه الآية دون غيرهنّ ممن يستحدث إيواؤها أو إرجاؤها منهنّ. وإذا كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام: تؤخر من تشاء ممن وهبت نفسها لك، وأحللت لك نكاحها، فلا تقبلها ولا تنكحها، أو ممن هنّ في حبالك، فلا تقربها، وتضمّ إليك من تشاء ممن وهبت نفسها لك، أو أردت من النساء التي أحللت لك نكاحهنّ، فتقبلها أو تنكحها، وممن هي في حبالك فتجامعها إذا شئت، وتتركها إذا شئت بغير قَسْم.

وقوله: "وَمَنِ ابْتَغَيْتَ ممّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ" اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضهم: معنى ذلك: ومن نكحت من نسائك فجامعت ممن لم تنكح، فعزلته عن الجماع، فلا جناح عليك... عن قتادة، في قوله: "وَمَنِ ابْتَغَيْتَ ممّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ" قال: جميعا هذه في نسائه، إن شاء أتى من شاء منهنّ، ولا جناح عليه...

وقال آخرون: معنى ذلك: ومن استبدلت ممن أرجيت، فخليت سبيله من نسائك، أو ممن مات منهنّ ممن أحللت لك فلا جناح عليك...

وأولى التأويلين بالصواب في ذلك، تأويل من قال: معنى ذلك: ومن ابتغيت إصابته من نسائك ممّنْ عَزَلْتَ عن ذلك منهنّ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ لدلالة قوله: "ذَلكَ أدْنَى أنْ تَقَرّ أعْيُنُهُنّ" على صحة ذلك، لأنه لا معنى لأن تقرّ أعينهنّ إذا هو صلى الله عليه وسلم استبدل بالميتة أو المطلقة منهنّ، إلا أن يعني بذلك: ذلك أدنى أن تقرّ أعين المنكوحة منهنّ، وذلك مما يدلّ عليه ظاهر التنزيل بعيد.

وقوله: "ذَلكَ أدْنَى أنْ تَقَرّ أعْيُنُهُنّ وَلا يَحْزَنّ" يقول: هذا الذي جعلت لك يا محمد من إذني لك أن ترجي من تشاء من النساء اللواتي جعلت لك إرجاءهنّ، وتؤوي من تشاء منهنّ، ووضعي عنك الحرج في ابتغائك إصابة من ابتغيت إصابته من نسائك، وعزلك عن ذلك من عزلت منهنّ، أقرب لنسائك أن تقرّ أعينهنّ به ولا يَحْزَنّ ويرضين بما آتيتهنّ كلهنّ من تفضيل من فضلت من قسم، أو نفقة وإيثار من آثرت منهم بذلك على غيره من نسائك، إذا هنّ علمن أنه من رضاي منك بذلك، وإذني لك به، وإطلاق مني لا من قِبَلك...

وقوله: "وَاللّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ" يقول: والله يعلم ما في قلوب الرجال من ميلها إلى بعض من عنده من النساء دون بعض بالهوى والمحبة يقول: فلذلك وضع عنك الحرج يا محمد فيما وُضع عنك من ابتغاء من ابتغيت منهنّ، ممن عزلت تفضلاً منه عليك بذلك وتكرمة.

"وكانَ اللّهُ عَلِيما" يقول: وكان الله ذا علم بأعمال عباده، وغير ذلك من الأشياء كلها "حَلِيما" يقول: ذا حلم على عباده، أن يعاجل أهل الذنوب منهم بالعقوبة، ولكنه ذو حلم وأناة عنهم، ليتوب من تاب منهم، وينيب من ذنوبه من أناب منهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{والله يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ} فيه وعيدٌ لمن لم ترضَ منهنّ بما دبر الله من ذلك، وفوّض إلى مشيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثٌ على تواطؤ قلوبهنّ والتصافي بينهن والتوافق على طلب رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فيه طيب نفسه.

{وَكَانَ الله عَلِيماً} بذات الصدور {حَلِيماً} لا يعاجل بالعقاب.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

... لأن سبب هذه الآيات إنما كان تغايراً وقع بين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عليه فشقي بذلك، ففسح الله له وأنبهن بهذه الآيات.

{والله يعلم ما في قلوبكم} خبر عام، والإشارة به هنا إلى ما كان في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من محبة شخص دون شخص، وكذلك يدخل في المعنى أيضاً المؤمنون.

{حليماً} صفة تقتضي صفحاً وتأنيساً في هذا المعنى، إذ هي خواطر وفكر لا يملكها الإنسان في الأغلب، واتفقت الروايات على أنه عليه السلام عدل بينهن في القسمة حتى مات ولم يمتثل ما أبيح له ضبطاً لنفسه وأخذاً بالفضل، غير أن سودة وهبت نوبتها لعائشة تقمناً لمسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :

وَرُوِيَ فِي الصَّحِيحِ "أَنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبِرَتْ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ اجْعَلْ يَوْمِي مِنْك لِعَائِشَةَ، فَكَانَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ: يَوْمَهَا، وَيَوْمَ سَوْدَةَ".

ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، أَيْضًا عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَأْذِنُ فِي يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَيْك مَنْ تَشَاءُ وَمَنْ ابْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاحَ عَلَيْك}، فَقِيلَ لَهَا: مَا كُنْت تَقُولِينَ؟ قَالَتْ: كُنْت أَقُولُ: إنْ كَانَ الْأَمْرُ إلَيَّ فَإِنِّي لَا أُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أُوثِرَ عَلَيْك أَحَدًا.

وَبَعْضُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ يَتَدَاخَلُ مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا، وَهَذَا الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما} أي إن أضمرن خلاف ما أظهرن، فالله يعلم ضمائر القلوب فإنه عليم، فإن لم يعاتبهن في الحال فلا يغتررن فإنه حليم لا يعجل.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

وقوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} أي: من الميل إلى بعضهن دون بعض، مما لا يمكن دفعه، كما قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن عبد الله بن يزيد، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول:"اللهم هذا فعلي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" ورواه أهل السنن الأربعة، من حديث حماد بن سلمة -وزاد أبو داود بعد قوله: فلا تلمني فيما تملك ولا أملك: يعني القلب. وإسناده صحيح، ورجاله كلهم ثقات.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

... لما كان التأكيد أوقع في النفس وأنفى للبس، وكان هذا أمراً غريباً لبعده عن الطباع، أكد فقال: {كلهن} أي ليس منهن واحدة إلا هي كذلك راغبة فيك راضية بصحبتك إن آويتها أو أرجأتها، لما لك من حسن العشرة وكرم الأخلاق ومحاسن الشمائل وجميل الصحبة، وإن اخترت فراقها علمت أن هذا أمر من الله جازم، فكان ذلك أقل لحزنها فهو أقرب إلى قرار عينها بهذا الاعتبار.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والإِرجاء حقيقته: التأخير إلى وقت مستقبل.

الإِيواء: حقيقته جعل الشيء آوياً، أي راجعاً إلى مكانه؛ ومقابلة الإِرجاء بالإِيواء تقتضي أن الإِرجاء مراد منه ضد الإِيواء أو أن الإِيواء ضد الإِرجاء، وبذلك تنشأ احتمالات في المراد من الإِرجاء والإِيواء صريحهما وكنايتهما، ويشمل الإِرجاء الصنف الثالث وهن: بنات عمه وبنات عماته وبنات خاله...، فالإِرجاء تأخير تزوج مَن يحلّ منهن، والإِيواء العقد على إحداهن، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج واحدة بعد نزول هذه الآية، وذلك إرجاء العمل بالإِذن فيهن إلى غير أجل معين، وكذلك إرجاء الصنف الرابع اللاء وهَبْن أنفسهن، سواء كان ذلك واقعاً بعد نزول الآية أم كان بعضه بعد نزولها فإرجاؤهن عدم قبول نكاح الواهبة، والتذييل بقوله: {والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليماً حليماً} كلام جامع لمعنى الترغيب والتحذير؛ ففيه ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في الإِحسان بأزواجه وإمائه والمتعرضات للتزوج به، وتحذير لهن من إضمار عدم الرضى بما يلقَيْنَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} لأنهن يشعرن بأن الله عندما جعل الأمر إليك، فإنه جعل لهن ضمانةً كبيرةً في الحصول على الحياة الكريمة الرحيمة، والمعاملة الحسنة، والميزان العادل الذي لن تختار فيه إلا ما يحقق لهن الرضا والطمأنينة وقرّة العين، لأن إنسانية الرسالة في عمق شخصيتك، وروحانية الشعور الرحيم في قلبك، لا تتحركان إلا بالخير كله والإحسان كله والعدل كله.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{۞تُرۡجِي مَن تَشَآءُ مِنۡهُنَّ وَتُـٔۡوِيٓ إِلَيۡكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ ٱبۡتَغَيۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكَۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن تَقَرَّ أَعۡيُنُهُنَّ وَلَا يَحۡزَنَّ وَيَرۡضَيۡنَ بِمَآ ءَاتَيۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمٗا} (51)