تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التغابن

أهداف سورة التغابن

( سورة التغابن مدنية وآياتها 18 آية ، نزلت بعد سورة التحريم )

والتغابن بمعنى الغبن ، لأن أهل الجنة يغبنون أهل النار ويأخذون أماكنهم في الجنةi . أي ينتصر أهل الجنة في ذلك اليوم ، لأنهم أخذوا حقهم مضاعفا .

وقال جار الله : التغابن مستعار من تغابن القوم في التجارة ، وهو أن يغبن بعضهم بعضا ، لنزول السعداء منازل الأشقياء التي كانوا ينزلونها لو كانوا سعداء ، ونزول الأشقياء منازل السعداء التي كانوا ينزلوها لو كانوا أشقياء ، كما ورد في الحديث : ii

" ما من عبد يدخل الجنة إلا يرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا ، وما من عبد يدخل النار إلا يرى مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة " . iii

قال النيسابوري : يجوز أن يُفسر التغابن بأخذ المظلوم حسنات الظالم ، وحمل الظالم خطايا المظلوم ، وإن صح مجيء التغابن بمعنى الغبن فذلك واضح في حق كل مقصر صرف شيئا من استعداده الفطري في غير ما أعطي لأجله .

وقال الشيخ مخلوف : يوم التغابن يظهر فيه غبن الكافر بتركه الإيمان ، وغبن المؤمن بتقصيره في الإحسان . iv

مع السورة

في الآيات ( 1-4 ) نجد آيات تذكر جلال الخالق المبدع وتصور قدرة الله القدير :

1- فهو سبحانه مالك الملك وصاحب الفضل والنعم ، وهو القادر القاهر المتصف بصفات الجلال والكمال ، وقدرة الله لا حدود لها فهي محيطة بكل شيء ، مهيمنة على كل شيء ، مدبرة لكل شيء ، حافظة لكل شيء ، لا يفتر عنها شيء ، سواء في ذلك الكبير والصغير ، والجليل والحقير .

والمؤمن يدرك آثار هذه القدرة ويشعر بجلال الله وعظمته ، وعلمه ووقايته ، وقهره وجبروته ، ورحمته وفضله ، وقربه منه في كل حال .

2- وقد خلق الله الإنسان ومنحه الإرادة والاختيار ، وميّزه بذلك على جميع الموجودات ، وأرسل إليه الرسل ، وأنزل إليه الكتب ليساعده على الإيمان ، ومن الناس من يهديه الله للإيمان ، ومنهم من يختار الكفر والجحود .

3- وقد أبدع الله خلق السماء فرفعها ، وزينها بالنجوم ، وخلق الأرض وأودع فيها الأقوات ، والجبال والبحار والأنهار ، وخلق الإنسان في أبدع صورة وأحسن تركيبه ، حيث يجتمع فيه الجمال إلى الكمال ، ويتفاوت الجمال بين شكل وشكل ، ، ولكن الله متّع الجميع بكل ما يحتاجون إليه من الآلات الجسدية ، ومن المواهب المعنوية ، ومن الخصائص التي يتفوق بها الإنسان على سائر الأحياء .

4- وقد أحاط علم الله بالسماء والأرض ، والسر والعلن ، والمؤمن يحس بإحاطة علم الله به ، ويشعر أنه مكشوف كله لعين الله ، فليس له سر يخفى عليه ، وليست له نية غائرة في الضمير لا يراها وهو العليم بذات الصدور .

وبهذه المعاني يستقر الإيمان في القلب ، ويستقر تعظيم الله والشعور بجلاله ورقابته .

أما الآيتان ( 5-6 ) فتُذكران بما أصاب المكذبين للرسل من الهلاك والدمار ، لقد جاءتهم الرسل بالآيات الواضحات ، فاستكثروا أن يكون النبي إنسانا من البشر ، وأعرضوا عن الهدى فأعرض الله عنهم ، وهو سبحانه غني عن عباده ، محمود على نعمائه .

والآيات ( 7-13 ) تستعرض شبهة الكافرين في البعث وإنكارهم له ، وترد عليهم بأن البعث حقيقة مؤكدة ، ويتبع البعث الحساب والجزاء ، والإيمان بالله ورسوله هو سبيل النجاة والهداية ، فسيجمع الله المؤمنين والكفار يوم التغابن .

والتغابن مفاعلة من الغبن ، وهو تصوير لما يقع من فوز المؤمنين بالنعيم ، وحرمان الكافرين من كل شيء منه ، ثم صيرورتهم إلى الجحيم ، فهما نصيبان متباعدان ، وكأنما كان هناك سباق للفوز بكل شيء ، وليغبن كل فريق مسابقه ، ففاز فيه المؤمنون وهُزم فيه الكافرون .

إن من آمن وعمل صالحا له جزاؤه في جنة الخلد والفوز العظيم ، ومن كفر بالله وكذب بآياته له عقابه وخلوده في النار وبئس المصير .

وإن من أصول الإيمان أن تؤمن بالقضاء والقدر ، وأن ترى الله مصدر كل شيء ، وأن تفوض إليه الأمر ، وأن تحني رأسك إجلالا لعظمته وتسليما لقضائه وقدره .

وطاعة الله وطاعة الرسول طريق الفلاح ، والإعراض عن طاعتهما نذير بالعقاب ، وليس هناك في الكون إلا إله واحد ، يتوكل عليه المؤمن ويتيقن بوجوده ، ويوحده ويعظمه ، وذلك أساس العقيدة الإسلامية .

قال تعالى : { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } . ( التغابن : 13 ) .

روابط الأسرة

تتجه الآيات الأخيرة من السورة لبناء المجتمع ، وتهذيب العاطفة ، وتوجيه العلاقات الأسرية الوجهة السليمة ، لذلك يقول الفيروزبادي : سورة التغابن مكية إلا آخرها : { إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ . . . } إلى آخر السورةv .

فالآيات الأولى من السورة شبيهة بالآيات المكية في بناء العقيدة ، وتأكيد معنى الألوهية ، وبيان صفات الله وكمالاته ، أما الآيات الأخيرة من السورة فتتجه لبناء مجتمع سليم .

وفي تفسير مقاتل وابن جرير الطبري أن الآية نزلت في قوم كانوا أرادوا الإسلام والهجرة ، فثبطهم عن ذلك أزواجهم وأولادهم .

وروى ابن جرير عن عكرمة أن رجلا سأل ابن عباس عن قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ . . . } ( التغابن : 14 ) . قال : هؤلاء رجال أسلموا ، فأرادوا أن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، فلما أتوا رسول الله عليه وسلم ورأوا الناس قد فقهوا في الدين ، هموا أن يعاقبوهمvi فأنزل الله تعالى هذه الآية وفيها : { وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .

فينبغي ألا تشغل المكلف زوجته ولا أولاده عن طاعة الله ، وأن تكون أسرته وسيلة لمرضاة ربه ، ومعينة له على الصلاح والإصلاح ، إن الله يمتحن الإنسان بالمال والولد ، فالمؤمن يتخذ ماله وسيلة لمرضاة ربه ، ويجعل من ولده أثرا صالحا ، وعند الله الأجر الأكبر لمن أحسن استخدام ماله وولده في طريق الخير والإحسان .

روى الإمام أحمد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب ، فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ، ووضعهما بين يديه ، ثم قال : " صدق الله ورسوله : إنما أموالكم وأولادكم فتنة . نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران حتى قطعت حديثي ورفعتهما " . vii

وفي الأثر : الولد مجبنة مبخلة ، أي : يجعل والده جبانا وبخيلا ، رغبة من الأب في توفير الحماية والمال لولده .

والإسلام يهذب الغرائز ، وينمي الفطرة ويوجهها إلى الوجهة السليمة ، فيأمر بالاعتدال في حب المال والولد ويحذر من الافتتان بهما ، وإذا طلبت الزوجة أو الأولاد ما يغضب الله فحذار من طاعتهما ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

وكل ما قد ترى تفنى بشاشته *** يبقى الإله ويفنى الأهل والولد

وفي آخر السورة دعوة إلى تقوى الله قدر الطاقة والاستطاعة ، وحث على الصدقة والإحسان ، وتحذير من البخل والشح : إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا . . . ( التغابن : 17 ) . وتقدموا صدقة للفقراء وعملا صالحا في مرضاة الله ، فإن الله يضاعف الثواب لكم إلى سبعمائة ضعف ، ويصفح عن عقوبتكم ، ويشكر لكم أعمالكم ، وهو سبحانه شكور حليم ، فالله صاحب الفضل والنعم ، يطلب من عبده فضل ما أعطاه ، ثم يشكر لعبده ويعامله بالحلم والعفو عن التقصير ، فما أجمل الله وما أعظم حلمه ، وما أوسع رحمته وفضله .

وفي الآية الأخيرة تظهر صفات الجلال والكمال ، فهو سبحانه ، عالم الغيب . أي : ما لا يراه العباد ويغيب عن أبصارهم ، والشهادة . أي : ما يشهدونه فيرونه بأبصارهم viii . فكل شيء مكشوف لعلمه خاضع لسلطانه ، مدبر بحكمته ، وهو العزيز الغالب ، الحكيم في تدبير خلقه وصرفه إياهم فيما يصلحهم .

المعنى الإجمالي للسورة

قال الفيروزبادي :

معظم مقصود سورة التغابن : بيان تسبيح المخلوقات ، والحكمة في تخليق الخلق ، والشكاية من القرون الماضية ، وإنكار الكفار البعث والقيامة ، وبيان الثواب والعقاب ، والإخبار عن عداوة الأهل والأولاد ، والأمر بالتقوى حسب الاستطاعة ، وتضعيف ثواب المتقين ، والخبر عن اطلاع الحق على علم الغيب في قوله سبحانه : { عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم } . ( التغابن : 18 ) .

مظاهر قدرة الله

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 1 ) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( 2 ) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ( 3 ) يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 4 ) }

1

المفردات :

يسبح : ينزّه ويقدس ويمجد .

ما في السماوات والأرض : جميع المخلوقات في السماوات والأرض بدلالتها على كماله واستغنائه .

التفسير :

1-{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .

كل شيء في الكون خاضع لقدرة الله ، مؤمن بوجود الله ، مُسبّح ومُعظّم ومُنزّه لله عن كل نقص ، ومعترف له بكل كمال ، فالملك لله وحده ، والحمد لله وحده ، وملك الناس أمر عارض ومنتقل ، وشكرنا للناس هو شكر لمن أجرى الله النعمة على يديه ، فالمخلوق سبب ظاهر ، والمسبب الحقيقي هو الله تعالى .

{ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .

والقدرة صفة وجودية قديمة قائمة بذات الله تعالى ، فهو خالق الأكوان ، ورازق الأكوان ، ومدبّر الملك والخلق ، وهو فعّال لما يريد ، لا حدود لقدرته ، ولا رادّ لأمره .

قال تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } . ( يس : 82 ) .

فإذا أراد إيجاد شيء امتثل ووجد في سرعة قول القائل كُن ، وامتثال الشيء ووجوده في الحال ، فكل شيء في الكون خاضع لقدرته ومشيئته وإرادته .

{ إن الله على كل شيء قدير } . ( البقرة : 20 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التغابن مدنية وآياتها ثماني عشرة ، نزلت بعد سورة التحريم .

وقد افتتحت بالتسبيح كما افتتح قبلها عدد من السور المدنية ، حتى ظن بعض العلماء والمفسرين أنها مكية ، لأنها تعالج أصول العقيدة الإسلامية . وهذا ليس بصواب ، فما المانع أن تتناول السورة موضوع الإنسان المعترف بربه ، والإنسان الكافر الجاحد بآلاء الله ، وأن تضرب الأمثال بالقرون الخالية ، والأمم التي كذبت رسل الله ، وما حل بهم من العذاب والدمار نتيجة لكفرهم وضلالهم ! ثم بينت أن البعث حق لا بد منه ، سواء أقر به الجاحدون أم أنكروه : { زعم الذين كفروا أن لن يُبعثوا ، قل بلى وربي لتبعثنّ ثم لتنبّؤنّ بما عملتم ، وذلك على الله يسير } . ثم تؤكد أنهم سيردون إلى الله { يوم يجمعكم ليوم الجمع ، ذلك يوم التغابن } وبذلك سميت " سورة التغابن " . ويوم التغابن هو حيث يقع الغبن على الكافرين الذين فرطوا في الحياة الدنيا . وتتحد هذه السورة والتي قبلها في أمر الصبر .

فسورة " المنافقون " فيها صَبَر النبي صلى الله عليه وسلم على نفاق من حوله . . فليعتبر الناس وتكون ذكرى للعلماء أو الحكام أنهم إذا رأوا منافقين من إخوانهم وتلاميذهم ومن يخالطونهم فلا يثبّط ذلك هممهم عن العمل والجد في خدمة المجتمع .

وسورة التغابن هذه ذُكر فيها أن من الأزواج والأولاد أعداء ، فيكون المخلص من هذا كله لا يبتئس الإنسان مما يقاسي من الأصحاب وغيرهم ، بل عليه أن يصبر ، والله تعالى حضّ على الصبر في كثير من آيات القرآن الكريم ، وبغير صبر لا علم ولا عمل .

كذلك وطلبت السورة من الناس أن يطيعوا الله ورسوله ، فإن أعرضوا فإن الرسول ليس عليه إلا البلاغ . . وختمت السورة بحضّ المؤمنين على الإنفاق في سبيل الخير { ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون } ، { والله شكور حليم } ، { عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم } .

تقدم الكلام على معنى التسبيح ، وأن كل شيء في الوجود يسبح لله ، وله الحمد على جميع ما يخلق ويقدّر لأنه مصدرُ الخيرات ، ومفيض البركات .

{ وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .

له قدرة مطلقة لا تتقيّد بقيد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة التغابن [ وهي مكية ]

{ 1-4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ * يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }

هذه الآيات [ الكريمات ] ، مشتملات على جملة كثيرة واسعة ، من أوصاف الباري العظيمة ، فذكر كمال ألوهيته تعالى ، وسعة غناه ، وافتقار جميع الخلائق إليه ، وتسبيح من في السماوات والأرض بحمد ربها ، وأن الملك كله لله ، فلا يخرج مخلوق عن ملكه ، والحمد كله له ، حمد على ما له من صفات الكمال ، وحمد على ما أوجده من الأشياء ، وحمد على ما شرعه من الأحكام ، وأسداه من النعم .

وقدرته شاملة ، لا يخرج عنها موجود ، فلا يعجزه شيء يريده .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

{ يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية في قول الأكثرين . وقال الضحاك : مكية . وقال الكلبي : هي مكية ومدنية . وهي ثماني عشرة آية . وعن ابن عباس أن " سورة التغابن " نزلت بمكة ، إلا آيات من آخرها نزلت بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي ، شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جفاء أهله وولده ، فأنزل الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " [ التغابن : 14 ] إلى آخر السورة . وعن عبدالله بن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من مولود يولد إلا وفي تشابيك رأسه مكتوب خمس آيات من فاتحة " سورة التغابن " .

تقدم في غير موضع .