{ يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد 29 وقال الذين آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب30 مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد 31 ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد 32 يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد 33 ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب 34 الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على قلب متكبر جبار 35 }
ظاهرين في الأرض : غالبين عالين على بني إسرائيل في أرض مصر .
ما أريكم إلا ما أرى : ما أشير عليكم إلا بما أشير به على نفسي ، وهو قتل موسى .
إلا سبيل الرشاد : إلا طريق الصلاح والصواب .
29- { يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } .
يا قومي ويا عشيرتي ، أنتم اليوم تتمتعون بملك مصر ، ولكم الغلبة والدولة والعلوّ على بني إسرائيل ، وإنّي أحذركم من قتل موسى ظلما ، فنستحق حينئذ بطش الله الشديد ، الذي لا يغلبه غالب .
وتوجه إليهم بهذا الاستفهام الإنكاري قائلا : { فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا } . ؟
أي : من يمنعنا من عقوبة الله وعذابه إذا نزل بنا ؟ .
قال تعالى : { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } . ( هود : 102 )
{ قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } .
أي : قال فرعون معقبا على نصيحة هذا المؤمن : ما أريكم من الرأي والنصيحة إلا ما أراه لنفسي ، وما أُشير عليكم إلا بالذي أراه وأستصوبه لنفسي من قتل موسى ، وما أقدم لكم إلا طريق الصواب والصلاح ، فأنا لا أغشكم ، ولا أظهر لكم خلاف ما أبطن ، وقد كَذَب فرعون وغشّ أمته في ذلك ، وسيلقى عقوبة الحاكم الغاشّ لأمته ، حين يملأ ركنا من أركان جهنم ، ولا يجد ريح الجنة ، لقد كان فرعون يرتعد فرقا من قتل موسى ، ويتظاهر بالتجلد .
ثم حذر قومه ونصحهم ، وخوفهم عذاب الآخرة ، ونهاهم عن الاغترار بالملك الظاهر ، فقال : { يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } أي : في الدنيا { ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ } على رعيتكم ، تنفذون فيهم ما شئتم من التدبير ، فهبكم حصل لكم ذلك وتم ، ولن يتم ، { فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ } أي : عذابه { إِنْ جَاءَنَا } ؟ وهذا من حسن دعوته ، حيث جعل الأمر مشتركًا بينه وبينهم بقوله : { فَمَنْ يَنْصُرُنَا } وقوله : { إِنْ جَاءَنَا } ليفهمهم أنه ينصح لهم كما ينصح لنفسه ، ويرضى لهم ما يرضى لنفسه .
ف { قَالَ فِرْعَوْنُ } معارضًا له في ذلك ، ومغررًا لقومه أن يتبعوا موسى : { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } وصدق في قوله : { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى } ولكن ما الذي رأى ؟
رأى أن يستخف قومه فيتابعوه ، ليقيم بهم رياسته ، ولم ير الحق معه ، بل رأى الحق مع موسى ، وجحد به مستيقنًا له .
وكذب في قوله : { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } فإن هذا قلب للحق ، فلو أمرهم باتباعه اتباعًا مجردًا على كفره وضلاله ، لكان الشر أهون ، ولكنه أمرهم باتباعه ، وزعم أن في اتباعه اتباع الحق وفي اتباع الحق ، اتباع الضلال .
قوله تعالى : " ياقوم لكم الملك اليوم " هذا من قول مؤمن آل فرعون ، وفي قوله " يا قوم " دليل على أنه قبطي ، ولذلك أضافهم إلى نفسه فقال : " يا قوم " ليكونوا أقرب إلى قبول وعظه " لكم الملك " فاشكروا الله على ذلك . " ظاهرين في الأرض " أي غالبين وهو نصب على الحال أي في حال ظهوركم . والمراد بالأرض أرض مصر في قول السدي وغيره ، كقوله : " وكذلك مكنا ليوسف في الأرض " . [ يوسف : 21 ] أي في أرض مصر . " فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا " أي من عذاب الله تحذيرا لهم من نقمه إن كان موسى صادقا ، فذكر وحذر " قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى " فعلم فرعون ظهور حجته فقال : " ما أريكم إلا ما أرى " . قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ما أشير عليكم إلا ما أرى لنفسي . " وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " في تكذيب موسى والإيمان بي .
{ يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد }
{ يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين } غالبين حال { في الأرض } أرض مصر { فمن ينصرنا من بأس الله } عذابه إن قتلتم أولياءه { إن جاءنا } ي لا ناصر لنا { قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى } أي ما أشير عليكم إلا بما أشير به على نفسي وهو قتل موسى { وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } طريق الصواب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.