تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (17)

{ يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور . }

المفردات :

إن ذلك : إشارة إلى ما ذكر من الصبر على ما أصابك وغيره .

من عزم الأمور : مما عزمه الله وقطعه على عباده وأمر به .

التفسير :

يا بني حافظ على الصلاة بحدودها وأركانها وخشوعها و أدائها في أوقاتها لتكون صلة بين العبد وربه

{ وأمر بالمعروف وانه عن المنكر . . . } بحسب طاقتك وجهدك محتسبا لله صابرا على ما تلقاه في سبيل الله إن الصبر على ما أصابك وعلى سائر ما أمرت به مما عزمه الله تعالى وأمر به أمر إيجاب وإلزام فلزم قبوله والعمل به والحرص عليه .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (17)

فيه ثلاث مسائل :

الأولى- قوله تعالى : " يا بني أقم الصلاة " وصّى ابنه بعظم الطاعات وهي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وهذا إنما يريد به بعد أن يمتثل ذلك هو في نفسه ويزدجر عن المنكر ، وهنا هي الطاعات والفضائل أجمع . ولقد أحسن من قال :

وابدأ بنفسك فانهها عن غَيِّها *** فإذا انتهت عنه فأنتَ حكيم

في أبيات تقدم في " البقرة " ذكرها{[12591]} .

الثانية- " واصبر على ما أصابك " يقتضي حضا على تغيير المنكر وإن نالك ضرر ، فهو إشعار بأن المغير أحيانا ، وهذا القدر على جهة الندب والقوة في ذات الله ، وأما على اللزوم فلا ، وقد مضى الكلام في هذا مستوفى في " آل عمران والمائدة " {[12592]} . وقيل : أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها ، وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل ، وهذا قول حسن لأنه يعّم .

الثالثة- " إن ذلك من عزم الأمور " قال ابن عباس : من حقيقة الإيمان الصبر على المكاره . وقيل : إن إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور ، أي مما عزمه الله وأمر به . قاله ابن جريج . ويحتمل أن يريد أن ذلك من مكارم الأخلاق وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة . وقول ابن جريج أصوب .


[12591]:راجع ج 1 ص 367.
[12592]:راجع ج 4 ص 47، وج 6 ص 243.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (17)

قوله : { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ } أمر لقمان ابنه أن يقيم الصلاة بتمام حدودها وفروضها دون تفريط أو تقصير { وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ } أمره أن يأمر الناس بطاعة الله وعبادته وحده ، واتباع شرعه ، وأن ينهاهم عن المنكر وهي المعاصي والخطايا بكل صورها وضروبها .

قوله : { وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ } أمره بالصبر على أذى الناس ؛ فإنه لا يدعو الناس أحد إلى عبادة الله وحده أو يحذرهم معصية ربهم ومجانبة أمره إلا أصابه منهم البلاء والأذى بمختلف صوره وأشكاله ، وليس على العبد المؤمن الخاشع الذي التزم شرع الله وسار على صراطه القويم إلا أن يصبر على طاعة الله والثبات على دينه وشرعه ، وأن يحتمل في ذلك كل وجوه المكاره والإساءات ، والله جل وعلا يجزيه أجر الصابرين المحتسبين .

قوله : { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } إن العمل بما ذكر ، والثبات عليه والتزام الصبر على المكاره والأذى من أجل ذلك لهو { مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } أي مما عزمه الله وأمر به . أو هو من عزائم أهل الحزم الثابتين على الحق ، الراسخين في الإيمان .