إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (17)

وبَعْدَ ما أمرَهُ بالتَّوحيدِ الذي هُو أولُ ما يجبُ على الإنسانِ في ضمنِ النَّهي عن الشِّركِ ونبَّهه على كمالِ علمِ الله تعالى وقدرتِه أمرَه بالصَّلاة التي هي أكملُ العباداتِ تكميلاً له من حيثُ العملُ بعد تكميلِه من حيثُ الاعتقادُ فقال مستميلاً له { يَا بنِيَّ أَقِمِ الصلاة } تكميلاً لنفسِك { وَأْمُرْ بالمعروف وانه عَنِ المنكر } تكميلاً لغيرِك { واصبر على مَا أَصَابَكَ } من الشَّدائدِ والمحنِ لاسيَّما فيما أُمرت به { إِنَّ ذلك } إشارةٌ إلى كلِّ ما ذُكر ، وما فيهِ من معنى البُعد مع قُرب العهدِ بالمشارِ إليه لما مرَّ مراراً من الإشعارِ ببُعدِ منزلتِه في الفضل { مِنْ عَزْمِ الأمور } أي ممَّا عزمَهُ الله تعالى وقطَعه على عبادِه من الأمورِ لمزيدِ مزيَّتِها ، مصدرٌ أُطلق على المفعولِ ، وقد جُوِّز أنْ يكونَ بمعنى الفاعلِ من قوله تعالى : { فَإِذَا عَزَمَ الأمر } بسورة محمد ، الآية21 ] أي جدَّ والجملةُ تعليلٌ لوجوبِ الامتثالِ بما سبقَ من الأمرِ والنَّهي وإيذانٌ بأنَّ ما بعدها ليس بمثابتِه .