تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قَالَ يَـٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ} (75)

71

المفردات :

لما خلقت بيدي : لمن خلقته بنفسي من غير توسط أب ولا أمّ .

أستكبرت أم كنت من العالين : أتكبرت الآن من غير استحقاق ، أم كنت ممن علا ، واستحق التفوق والترفع عن طاعة الله ؟ وهو استفهام توبيخ .

التفسير :

75- { قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين } .

أي : قال له ربّه : ما الذي صرفك وصدّك عن السجود لمن خلقته بذاتي من غير واسطة أب وأم ؟

قال القرطبي : أضاف خلقه إلى نفسه تكريما لآدم ، وإن كان الله خالق كل شيء ، كما أضاف إلى نفسه الروح ، والبيت ، والناقة ، والمساجد ، فخاطب الناس بما يعرفونه .

{ أستكبرت أم كنت من العالين } .

أي : أستكبرت الآن على ربك ، أم كنت قديما من المتكبرين المتعالين ؟ وهو استفهام توبيخ وإنكار له ، لامتناعه عن السجود .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قَالَ يَـٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ} (75)

قوله تعالى : ( قال يا إبليس ما منعك ) أي : صرفك وصدك . ( أن تسجد ) أي : عن أن تسجد . ( لما خلقت بيدي ) : أضاف خلقه إلى نفسه تكريما له ، وإن كان خالق كل شيء وهذا كما أضاف إلى نفسه الروح والبيت والناقة والمساجد . فخاطب الناس بما يعرفونه في تعاملهم ، فإن الرئيس من المخلوقين لا يباشر شيئا بيده إلا على سبيل الإعظام والتكرم ، فذكر اليد هنا بمعنى هذا . قال مجاهد : اليد ها هنا بمعنى التأكد والصلة ، مجازه : لما خلقت أنا كقوله : " ويبقى وجه ربك " [ الرحمن : 27 ] أي يبقى ربك . وقيل : التشبيه في اليد في خلق الله تعالى دليل على أنه ليس بمعنى النعمة والقوة والقدرة ، وإنما هما صفتان من صفات ذاته تعالى . وقيل : أراد باليد القدرة ، يقال : مالي بهذا الأمر يد . وما لي بالحمل الثقيل يدان . ويدل عليه أن الخلق لا يقع إلا بالقدرة بالإجماع . وقال الشاعر :

تحمَّلتُ من عَفْرَاءَ ما ليس لي به *** ولا للجبالِ الراسياتِ يَدَانِ

وقيل : ( لما خلقت بيدي ) : لما خلقت بغير واسطة . ( أستكبرت ) أي عن السجود . ( أم كنت من العالين ) أي : المتكبرين على ربك . وقرأ محمد بن صالح عن شبل عن ابن كثير وأهل مكة " بيدي استكبرت " موصولة الألف على الخبر وتكون أم منقطعة بمعنى بل مثل : ( أم يقولون افتراه ) [ السجدة : 3 ] وشبهه . ومن استفهم ف " أم " معادلة لهمزة الاستفهام وهو تقرير وتوبيخ . أي استكبرت بنفسك حين أبيت السجود لآدم ، أم كنت من القوم الذين يتكبرون فتكبرت لهذا .