فنقبوا في البلاد : ساروا فيها يبتغون الأرزاق والمكاسب ، ويقال لمن طوف في الأرض : نقب فيها ، قال امرؤ القيس :
فقد نقبت في الآفاق حتى *** رضيت من الغنيمة بالإياب
محيص : مهرب وملجأ يلجأون إليه .
36- { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص } .
أي : كثيرا ما أهلكنا قبل مشركي مكة ، من أمم كانت أشد منهم قوة ومنعة ، وقد انتقلوا في البلاد وأكثروا السير فيها ، بالتجارة والسياحة والتغلب ، فما عصمهم ذلك من الهلاك ، حين أراد الله أن ينزله بساحتهم .
أي : لم يستطيعوا هربا ولا مناصا من الهلاك ، وأجدر بأهل مكة أن يعتبروا بهم .
{ 36-37 } { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }
يقول تعالى -مخوفًا للمشركين المكذبين للرسول : - { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ } أي : أمما كثيرة هم أشد من هؤلاء بطشًا أي : قوة وآثارًا في الأرض .
ولهذا قال : { فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ } أي : بنوا الحصون المنيعة والمنازل الرفيعة ، وغرسوا الأشجار ، وأجروا الأنهار ، وزرعوا ، وعمروا ، ودمروا ، فلما كذبوا رسل الله ، وجحدوا آيات الله ، أخذهم الله بالعقاب الأليم ، والعذاب الشديد ، ف { هَلْ مِنْ مَحِيصٍ } أي : لا مفر لهم من عذاب الله ، حين نزل بهم ، ولا منقذ ، فلم تغن عنهم قوتهم ، ولا أموالهم ، ولا أولادهم .
قوله عز وجل : { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشاً فنقبوا في البلاد } ضربوا وساروا وتقلبوا وطافوا ، وأصله من النقب ، وهو الطريق كأنهم سلكوا كل طريق . { هل من محيص } فلم يجدوا محيصاً من أمر الله . وقيل : هل من محيص مفر من الموت ؟ فلم يجدوا فيه إنذار لأهل مكة وأنهم على مثل سبيلهم لا يجدون مفراً عن الموت يموتون ، فيصيرون إلى عذاب الله .
قوله تعالى : { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص 36 إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد 37 ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب } .
ذلك تحذير من الله يخوف به المشركين مما حل بالمكذبين من قبلهم أولئك الذين جحدوا الرسالات وكذبوا باليوم الآخر فأتاهم العذاب والتدمير . وهو قوله : { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا } يعني أهلكنا من قبل هذه الأمة كثيرا من الضالين السابقين وقد كانوا أعظم قوة وبطشا من هؤلاء { فنقبوا في البلاد } أي طافوا البلاد مدبرين هاربين يلتمسون المفر والملجأ ليقيهم من العقاب { هل من محيص } أي انظروا هل كان لهم من مهرب من الموت أو العقاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.