{ أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير } .
وقدر : أحكم أو اقتصد . السرد : نسج الدروع ، أي اجعل المسامير مقدرة على قدر الحلق فلا يكون غليظا ولا دقيقا .
أي أوحينا إليه أن اعمل دروعا سابغات أي كاملات تامة واسعات يقال : نعمة سابغات أسي كاملة وافرة قال تعالى : { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة . . . } ( لقمان : 20 )
أي أحكم صنع الدروع بحيث يكون في أكمل صورة وأحسن هيئة ، متناسبة الحلقات والمسامير فلا تكون الحلقات واسعة ولا ضيقة ، بل متناسقة على قدر الحاجة محكمة على قدر حاجة الجسم وكان داود عليه السلام أول من صنع الدروع المحكمة .
قال قتادة : كانت الدروع قبله صفائح ثقالا .
وقال المفسرون { وقدر في السرد } : أي لا تغلظ المسامير فيتسع الثقب ولا توسع الثقب فتقلقل المسامير فيها . iv
قال الفخر الرازي : قيل إنه طلب من الله أن يغنيه عن أكل مالا بيت المال فألان له الحديد وعلمه صنعة اللبوس وهي الدروع .
{ واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير } .
أي اعملوا يا آل داود عملا صالحا فإني مطلع ومشاهد ومراقب لكم بصير بأعمالكم وأقوالكم لا يخفى علي شيء منها .
وفي معنى ذلك قوله تعالى : { إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق } ( ص : 18 ) .
وقوله عز شأنه : { وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون } . ( الأنبياء : 79-80 ) .
{ 10 - 11 } { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
أي : ولقد مننا على عبدنا ورسولنا ، داود عليه الصلاة والسلام ، وآتيناه فضلا من العلم النافع ، والعمل الصالح ، والنعم الدينية والدنيوية ، ومن نعمه عليه ، ما خصه به من أمره تعالى الجمادات ، كالجبال والحيوانات ، من الطيور ، أن تُؤَوِّب معه ، وتُرَجِّع التسبيح بحمد ربها ، مجاوبة له ، وفي هذا من النعمة عليه ، أن كان ذلك من خصائصه التي لم تكن لأحد قبله ولا بعده ، وأن ذلك يكون منهضا له ولغيره على التسبيح إذا رأوا هذه الجمادات والحيوانات ، تتجاوب بتسبيح ربها ، وتمجيده ، وتكبيره ، وتحميده ، كان ذلك مما يهيج على ذكر اللّه تعالى .
ومنها : أن ذلك - كما قال كثير من العلماء ، أنه طرب لصوت داود ، فإن اللّه تعالى ، قد أعطاه من حسن الصوت ، ما فاق به غيره ، وكان إذا رجَّع التسبيح والتهليل والتحميد بذلك الصوت الرخيم الشجيِّ المطرب ، طرب كل من سمعه ، من الإنس ، والجن ، حتى الطيور والجبال ، وسبحت بحمد ربها .
ومنها : أنه لعله ليحصل له أجر تسبيحها ، لأنه سبب ذلك ، وتسبح تبعا له .
ومن فضله عليه ، أن ألان له الحديد ، ليعمل الدروع السابغات ،
وعلمه تعالى كيفية صنعته ، بأن يقدره في السرد ، أي : يقدره حلقا ، ويصنعه كذلك ، ثم يدخل بعضها ببعض .
قال تعالى : { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ }
ولما ذكر ما امتن به عليه وعلى آله ، أمره بشكره ، وأن يعملوا صالحا ، ويراقبوا اللّه تعالى فيه ، بإصلاحه وحفظه من المفسدات ، فإنه بصير بأعمالهم ، مطلع عليهم ، لا يخفى عليه منها شيء .
قوله تعالى : { أن اعمل سابغات } دروعاً كوامل واسعات طوالاً تسحب في الأرض ، { وقدر في السرد } والسرد نسج الدروع ، يقال لصانعه : السراد والزراد ، يقول : قدر المسامير في حلق الدرع أي : لا تجعل المسامير دقاقاً فتفلت ولا غلاظاً فتكسر الحلق ، ويقال : السرد المسمار في الحلقة ، يقال : درع مسرودة أي : مسمورة الحلق ، وقدر في السرد اجعله على القصد وقدر الحاجة ، { واعملوا صالحاً } يريد : داود وآله . { إني بما تعملون بصير* }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.