تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَنِ ٱعۡمَلۡ سَٰبِغَٰتٖ وَقَدِّرۡ فِي ٱلسَّرۡدِۖ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (11)

الآية 11 وقوله تعالى : { أن اعمل سابغات } كأنه قال : { وألنّا له الحديد } وقلنا له : { أن اعمل سابغات } [ قال بعضهم : السابغات هي ]{[16925]} الدروع . وقال بعضهم : هي الواسعات ، وقيل : هي الطوال . فكأنه أمره{[16926]} أن يتخذ من الدروع ما يُؤخذ من الرأس إلى القدم ما يصلح لحرب العدوّ .

وقوله تعالى : { وقدّر في السّرد } قال بعضهم : كانت الدروع قبل ذلك صفائح مضروبة ، فسرد نبي الله حَلقها بعضها إلى بعض . والسّرد المسامير والحَلَق . يقول{[16927]} : قدِّر المسامير في الحَلَق : لا تُدقّ المسامير ، وتوسّع{[16928]} الحَلَق ، فتتسلسل ، ولا تضيّق الحَلق ، وتُعظّم المسامير ، فتُقصَم ، وتُكسر ، ولكن سوّها{[16929]} لتكون أحكم .

قال أبو عوسجة والقتبيّ : { وقدّر في السّرد } أي في النّسج{[16930]} ، أي لا تجعل المسامير دِقاقا ، فتُغلَق ، ولا غِلاظا ، فتُكسَر الحلَق . ومنه قيل لصانع الدروع : سرّاد وزرّاد كما يقال : عرّاط وسرّاد وزرّاط . والسّرد الخرز أيضا .

وقال غيرهما{[16931]} : السّرد ، الخرز{[16932]} في طبق الحلق ، وإدخال الحلق بعضها في بعض .

وقوله تعالى : { واعملوا صالحا } جائز أن يكون قوله : { واعملوا صالحا } في ما ذكر من عمل الدروع . ويحتمل في غيره من الأعمال { إني بما تعملون بصير } هو على الوعيد ، والله أعلم .


[16925]:من م، في الأصل: في.
[16926]:الهاء ساقطة من الأصل وم.
[16927]:من م، في الأصل: بقوله.
[16928]:في الأصل وم: وتوقع.
[16929]:في الأصل وم: مستويا.
[16930]:في الأصل وم: التسبيح.
[16931]:في الأصل وم: غيره.
[16932]:في الأصل وم: الخروق.