غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَنِ ٱعۡمَلۡ سَٰبِغَٰتٖ وَقَدِّرۡ فِي ٱلسَّرۡدِۖ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (11)

1

و " أن " في قوله { أن أعمل } مفسرة لأن إلانة الحديد له في معنى الأمر بأن يستعمل . { سابغات } أي دروعاً واسعة وهي من الصفات التي غلبت عيها الاسمية حتى ترك ذكر موصوفها . والسرد نسج الدروع ومعنى التقدير فيه أن لا تجعل المسامير دقاقاً فتقلق ولا غلاظاً فتفصم الحلق . يروى أنه كان يخرج حين ملك بني إسرائيل متنكراً فيسال الناس عن نفسه ويقول لهم : ما تقولون في داود ؟ فيثنون عليه فقيض الله تعالى ملكاً في صورة آدمي فسأله على عادته فقال : نعم الرجل لولا خصلة فيه . فخاف داود فسأله فقال : لولا أنه يطعم عياله من بيت المال فطلب عند ذلك من الله أن يغنيه عن أكل بيت المال فعلمه صنعة اللبوس . وإنما اختار له ذلك لأنه وقاية للروح ويحفظ الآدمي المكرم عند الله من القتل ، فالزرّاد خير من القوّاس والسياف . وقيل : إن التقدير في السرد إشارة إلى أنه غير مأمور به أمر إيجاب إنما هو اكتساب يكون بقدر الحاجة إلى القوت وباقي اليوم والليلة للعبادة بدليل قوله { واعملوا صالحاً } أي لستم يا آل داود مخلوقين إلا للعمل الصالح فأكثروا منه وأما كسب القوت فاقتصدوا فيه . ثم أكد الفعل الصالح بقوله { إني بما تعملون بصير } فإن من يعلم أنه بمرأى من الملك اجتهد في حسن العمل وتزكية الباطن .

/خ21