{ أَنِ اعمل سابغات } في { أن } هذه وجهان : أحدهما : أنها مصدرية على حذف حرف الجرّ ، أي بأن اعمل ، والثاني أنها المفسرة لقوله : { وَأَلَنَّا } ، وفيه نظر ؛ لأنها لا تكون إلاّ بعد القول ، أو ما هو في معناه . وقدّر بعضهم فعلاً فيه معنى القول ، فقال التقدير : وأمرناه أن اعمل . وقوله : { سابغات } صفة لموصوف محذوف ، أي : دروعاً سابغات ، والسابغات الكوامل الواسعات ، يقال : سبغ الدرع والثوب وغيرهما : إذا غطى كل ما هو عليه ، وفضل منه فضلة . { وَقَدّرْ في السرد } السرد نسج الدروع ، ويقال : السرد والزرد كما يقال : السراد ، والزراد لصانع الدروع ، والسرد أيضاً الخرز . يقال : سرد يسرد : إذا خرز ، ومنه سرد الكلام : إذا جاء به متوالياً ، ومنه حديث عائشة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يسرد الحديث كسردكم . قال سيبويه : ومنه سريد : أي جري ، ومعنى سرد الدروع : إحكامها ، وأن يكون نظم حلقها ولاء غير مختلف ، ومنه قول لبيد :
سرد الدروع مضاعفاً أسراده *** لينال طول العيش غير مروم
وعليهما مسرودتان قضاهما *** داود إذ صنع السوابغ تبع
قال قتادة : كانت الدروع قبل داود ثقالاً ، فلذلك أمر هو بالتقدير فيما يجمع الخفة والحصانة ، أي قدّر ما تأخذ من هذين المعنيين بقسطه ، فلا تقصد الحصانة فيثقل ، ولا الخفة فيزيل المنعة ، وقال ابن زيد : التقدير الذي أمر به هو في قدر الحلقة ، أي لا تعملها صغيرة فتضعف ولا يقوى الدرع على الدفاع ، ولا تعملها كبيرة فتثقل على لابسها . وقيل : إن التقدير هو في المسمار ، أي : لا تجعل مسمار الدرع دقيقاً فيقلق ، ولا غليظاً فيفصم الحلق . ثم خاطب داود ، وأهله ، فقال : { واعملوا صالحا } أي عملاً صالحاً كما في قوله : { اعملوا ءالَ دَاوُودُ شكرا } ، ثم علل الأمر بالعمل الصالح بقوله : { إِنّى بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } أي لا يخفى عليّ شيء من ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.