بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَنِ ٱعۡمَلۡ سَٰبِغَٰتٖ وَقَدِّرۡ فِي ٱلسَّرۡدِۖ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (11)

{ أَنِ اعمل سابغات } يعني : قلنا له اعمل الدروع الواسعة . وكان قبل ذلك صفائح الحديد مضروبة .

ثم قال : { وَقَدّرْ في السرد } قال السدي : { السرد } المسامير التي في خلق الدرع . وقال مجاهد : { وَقَدّرْ في السرد } أي : لا تدق المسامير ، فتقلقل في الحلقة ، ولا تغلظها فتقصمها ، واجعله قدراً بين ذلك . وقال في رواية الكلبي هكذا . وقال بعضهم : هذا لا يصح لأن الدروع التي عملها داود عليه السلام وكانت بغير مسامير ، لأنها كانت معجزة له . ولو كان محتاجاً إلى المسمار لما كان بينه وبين غيره فرق . وقد يوجد من بقايا تلك الدروع بغير مسامير ، ولكن معنى قوله : { وَقَدّرْ في السرد } أي : قدر في نسخها وطولها وعرضها وضيقها وسعتها . ويقال : { قُدِرَ } في تأليفه والسرد في اللغة تقدمة الشيء إلى الشيء . يأتي منسقاً بعضه إلى أثر بعض ، متتابعاً . ويقال : يسرد في الكلام إذا ذكره بالتأليف . ومنه قيل لصانع الدروع : سراد وزراد ، تبدل من السين الزاي .

ثم قال : { واعملوا صالحا } يعني : أدوا فرائضي وقد خاطبه بلفظ الجماعة كما قال : { يا أيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [ المؤمنون : 51 ] وأراد به النبي صلى الله عليه وسلم خاصة . ويقال : إنه أراد به داود وقومه { إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } يعني : عالم .