فاستقيموا إليه : توجهوا إليه بالإيمان والطاعة .
6- { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين } .
قل لهم يا محمد : أنا رجل منكم ، تعرفون نسبي ونسب آبائي ، فلست بملاك ولا جني ، إنما أنا بشر مثلكم ، اختصني الله تعالى بالوحي والرسالة ودعوة الناس إلى توحيد الله تعالى ، والإخلاص له في العبادة ، فاسلكوا إلى الله الطريق القويم ، واستقيموا في طاعته ، واستغفروه من ذنوبكم ، ومن الشرك وعبادة الأصنام ، فإن الويل والعذاب الشديد في جهنم للمشركين الذين عبدوا غير الله ، وأشركوا به عبادة الأوثان والأصنام .
{ قُلْ } لهم يا أيها النبي : { إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ } أي : هذه صفتي ووظيفتي ، أني بشر مثلكم ، ليس بيدي من الأمر شيء ، ولا عندي ما تستعجلون به ، وإنما فضلني اللّه عليكم ، وميَّزني ، وخصَّني ، بالوحي الذي أوحاه إليَّ وأمرني باتباعه ، ودعوتكم إليه .
{ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ } أي . اسلكوا الصراط الموصل إلى اللّه تعالى ، بتصديق الخبر الذي أخبر به ، واتباع الأمر ، واجتناب النهي ، هذه حقيقة الاستقامة ، ثم الدوام على ذلك ، وفي قوله : { إِلَيْهِ } تنبيه على الإخلاص ، وأن العامل ينبغي له أن يجعل مقصوده وغايته ، التي يعمل لأجلها ، الوصول إلى اللّه ، وإلى دار كرامته ، فبذلك يكون عمله خالصًا صالحًا نافعًا ، وبفواته ، يكون عمله باطلاً .
ولما أخبروا باعراضهم وعللوا بعدم فهمهم بما يدعو إليه ، أمره سبحانه بجواب يبين أنهم على محض العناد فقال : { قل } أي لهؤلاء الذين عجزوا عن رد شيء من أمرك بشيء يقبله ذو عقل فادعوا ما ينادي عليهم بالعجز : { إنما أنا بشر مثلكم } لا غير بشر مما لا يرى ، والبشر يرى بعضه بعضاً ويسمعه ويبصره فقولكم أنه لا وصول لكم إلى رؤيتي ولا إدراك شيء مما أقول مما لا وجه له أصلاً . ولما كان ادعاؤهم لعدم المواصلة بينهم قد تضمن شيئين : أحدهما فيه ، والآخر فيما يدعو إليه ، ونقض الأول ، قال في الثاني : { يوحى إليّ } أي بطريق يخفى عليكم { إنما إلهكم } أي الذي يستحق العبادة { إله واحد } لا غير واحد ، وهذا مما دلت عليه الفطر الأولى السوية ، وقامت عليه الأدلة العقلية ، وأيدتها في كل عصر الطرق النقلية ، وانعقد عليه الإجماع في أوقات الضرورات النفسانية ، أي لست مغايراً للبشر ممن يخفى عليكم شخصه كالملك ، ولا يعجم عليهم مراده بصوته كسائر الحيوانات ، ومع كوني بشراً فلست بمغاير لكم في الصنف بكوني أعجمياً ، بل أنا مثلكم سواء في كوني عربياً ، ومع ذلك كله فأصل ما أوحي إلي ليس معبراً عنه بجمل طوال تمل أو تنسى ، أو يشكل فهمها ، وإنما هو حرف واحد وهو التوحيد ، فلا عذر لكم أصلاً في عدم فهمه ولا سماعه ولا رؤية قائله .
ولما قطع حجتهم وأزال علتهم ، سبب عن ذلك قوله : { فاستقيموا } أي اطلبوا واقصدوا وأوجدوا القوام متوجهين وإن كان في غاية البعد عنكم { إليه } غير معرجين أصلاً على نوع شرك بشفيع ولا غيره . ولما كان أعظم المراد من الوحي العلم والعمل ، وكان رأس العلم التوحيد فعرفه وأمر بالاستقامة فيه ، أتبعه رأس العمل وهو ما أنبأ عن الاعتراف بالعجز مع الاجتهاد فقال : { واستغفروه } أي اطلبوا منه غفران ذنوبكم ، وهو محوها عيناً وأثراً حتى لا تعاقبوا عليها ولا تعاتبوا بالندم عليها ، والإقلاع عنها حالاً ومآلاً . ولما أمر بالخير ، رغب فيه ووهب من ضده ، فكان التقدير للترغيب : فالفلاح والفوز لمن فعل ذلك ، فعطف عليه ما السياق له فقال : { وويل } أي سوأة وهلاك { للمشركين * } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.