فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَٱسۡتَقِيمُوٓاْ إِلَيۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡمُشۡرِكِينَ} (6)

ثم أمره الله سبحانه أن يجيب عن قولهم هذا ، فقال : { قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يوحى إِلَىَّ أَنَّمَا إلهكم إله وَاحِدٌ } أي إنما أنا كواحد منكم لولا الوحي ، ولم أكن من جنس مغاير لكم حتى تكون قلوبكم في أكنة مما أدعوكم إليه ، وفي آذانكم وقر ، ومن بيني وبينكم حجاب ، ولم أدعكم إلى ما يخالف العقل ، وإنما أدعوكم إلى التوحيد . قرأ الجمهور { يوحى } مبنيا للمفعول . وقرأ الأعمش والنخعي مبنياً للفاعل ، أي يوحي الله إليّ . قيل ومعنى الآية : إني لا أقدر على أن أحملكم على الإيمان قسراً ، فإني بشر مثلكم ، ولا امتياز لي عنكم إلاّ أني أوحي إليّ التوحيد والأمر به ، فعليّ البلاغ وحده ، فإن قبلتم رشدتم وإن أبيتم هلكتم . وقيل المعنى : إني لست بملك ، وإنما أنا بشر مثلكم ، وقد أوحي إليّ دونكم ، فصرت بالوحي نبياً ، ووجب عليكم اتباعي . وقال الحسن في معنى الآية : إن الله سبحانه علم رسوله صلى الله عليه وسلم كيف يتواضع { فاستقيموا إِلَيْهِ } عدّاه بإلى لتضمنه معنى توجهوا ، والمعنى : وجهوا استقامتكم إليه بالطاعة ولا تميلوا عن سبيله { واستغفروه } لما فرط منكم من الذنوب . ثم هدّد المشركين وتوعدهم ، فقال : { وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ } .

/خ14