فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَٱسۡتَقِيمُوٓاْ إِلَيۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡمُشۡرِكِينَ} (6)

ثم أمره الله سبحانه أن يجيب عن قولهم هذا فقال : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } أي إنما أنا كواحد منكم لولا الوحي ، ولم أكن من جنس مغاير لكم حتى تكون قلوبكم في أكنة مما أدعوكم إليه ، وفي آذانكم وقر ، ومن بيني وبينكم حجاب ، ولم أدعكم إلى ما يخالف العقل ، وإنما أدعوكم إلى التوحيد .

قرأ الجمهور يوحي مبنيا للمفعول وقرأ الأعمش والنخعي مبنيا للفاعل ، أي يوحي الله إليّ ، قيل : ومعنى الآية أني لا أقدر على أن أحملكم على الإيمان قسرا فإني بشر مثلكم ، ولا امتياز لي عنكم إلا أني أوحي إلي التوحيد ، والأمر به ، فعلي البلاغ وحده ، فإن قبلتم رشدتم ؛ وإن أبيتم هلكتم ، وقيل ؛ المعنى أني لست بملك لا يرى ، وإنما أنا بشر مثلكم ، وقد أوحي إلي دونكم فصرت بالوحي نبيا ، ووجب عليكم إتباعي ، وقال الحسن في معنى الآية إن الله سبحانه علم رسوله صلى الله عليه وسلم كيف يتواضع .

{ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ } عداه بإلى لتضمنه معنى : توجهوا والمعنى وجهوا استقامتكم إليه بالطاعة ، ولا تميلوا عن سبيله { وَاسْتَغْفِرُوهُ } لما فرط منكم من الذنوب والشرك ، وما أنتم عليه من سوء العقيدة والعمل